سعداء الدعاس: روايتي «صفعة» لحمقى العنصرية
| |||||||
اللون يحدد هوية الاختلاف منذ الولادة!.. إنها كوميديا «سوداء»
سعداء الدعاس: روايتي «صفعة» لحمقى العنصرية أفراح الهندال دخلت القاصة الكويتية سعداء الدعاس باب الرواية من خلال عملها «لأني أسود»؛ والذي حصلت من خلاله على جائزة الدولة التشجيعية للعام 2010، وروايتها التي أثارت أسئلة الحضور في حفل توقيعها برابطة الأدباء وكتب عنها الكثير دارت حول قضية «التمييز العنصري» التي تطرح للمرة الأولى في الكويت من ناحية التمييز بـ «اللون». وهي بذلك طرقت بابا مواربا وقاسيا بطرقات قوية مباغتة للهمز واللمز اللذين يدوران في مجتمعنا تحاشيا تناول هذه القضية رغم حضورها الفادح! سبق أن أجرت «الكويتية» لقاء مع الدعاس، ولكن يأتي لقاؤنا اليوم متركزا على هذا العمل لبحث جوانبه، والتعرف على خباياه في قراءة أخرى تستحث الفكر لتناول هذه الإشكالية العميقة من مغاليقها! بطل الرواية كويتي يعاني التمييز العنصري بسبب لونه الداكن جدا، «يسافر إلى الولايات المتحدة للدراسة، وهناك يقع في غرام فتاة أميركية سوداء، كلاهما رغم الفارق الحضاري وحزمة الاختلافات، يحمل تركة ثقيلة من التمييز، تبدأ منذ الطفولة وتستمر مع الإنسان إلى النهاية، مادام يعيش في محيط الآخرين على أساس هويتهم اللونية». ومن خلال الرواية تتعدد ملامح العنصرية، فالأساس العرقي أو الطائفي أو المادي أو الديني أو الطبقي كلها حاضرة في الرواية، وكان مدخل أسئلتنا هو: الكتابة.. انطلاقا من قضية غالبا ما يكون العمل الاول لكل أديب منطلقا من معاناة ذاتية.. ولكنك تمسكت بقضية إنسانية لا تمسك.. هل تخافين الوقوع في «الشخصي» أم ماذا؟ بإمكاننا استغلال تفاصيل حياتنا دون أن تشير إلينا، إلا إذا كان الأمر مقصودا، كما في السير الذاتية. وقد استخدمت جزءا كبيرا من تفاصيلي في مجموعتي القصصية «عتق» دون أن يشعر القارئ بذلك. أما «لأني أسود» فقد سيطرت علي بخصوصيتها وعموميتها في آن واحد.. الاختلاف يعنينا جميعنا، بدءا باختلاف أفكارنا عن محيطنا الخاص ومن ثم العام، وصولا إلى معتقداتنا وانتماءاتنا. قد تبدو الرواية خاصة باللون الأسود، إلا أن من يقرأها يدرك أنها غارقة في بحر الاختلاف على جميع المستويات، لكن لأن اللون الأسود يحدد هوية الانسان منذ اللحظة الاولى، فهو الأكثر عرضة لجميع أنواع الرفض والعنصرية بشكل فج ، لهذا اخترته ليكون بوابتي الأولى. جاء السرد بلغة سلسة لم تقع في التكلف الأدبي أو الغموض أو اللغة الشعرية.. هل هذه هي لغة سعداء أم تعمدت ذلك؟ رغم عشقي للغة بعض الكتاب، إلا أن الإفراط اللغوي، وتغليب المفردات على الحدث، يزعجاني عند القراءة، فهناك من يشحن روايته بمفردات تشغل القارئ بفك طلاسمها وشفراتها. ذلك لا يعني أنني حددت لغتي ونهجي قبل الكتابة، فشخوصي بأحداثها رسمت ملامح النص، بلغته، تقنيته، وتفاصيله الصغيرة. كل ما كان يعنيني أن أتوجه للفئة المستهدفة، تلك التي تصفع الأسود بحماقاتها، نكاتها، وعنصريتها كل يوم. لم أكن أكتب للنخبوي الذي يترفع عن تلك الفروقات العنصرية - ظاهريا على أقل تقدير- فاخترت عنوان الكتاب وغلافه، والعناوين الداخلية، من هذا المنطلق، ليصل بوح شخوصي إلى الآخر (العنصري). فكم قرأت نصوصا رائعة، قتلتها عناوينها المحلقة في فضاء لغوي لا روح له. وجع اللون! ألا تجدين أن وضع الإصبع على الألم في «لأني أسود» سيوجع أكثر مما يعالج! هل تتوقعين تضامنا أو تشجيعا ممن يحملون البشرة السمراء ويعلنون الرواية قضيتهم؟ الجراح عادة يضطر إلى نبش الجرح لتطهيره وتعقيمه.. المواجهة لابد أن تؤلم، حين كنت في رابطة الأدباء، أثناء أمسية «لأني أسود» لاحظت وجود عناصر نسائية تنتمي للبشرة السوداء، أسعدني ذلك، وسعدت أكثر حين جاءتني أكثرهن سوادا لتحصل على نسختها من الرواية، مشيدة بجرأة الفكرة ومفرداتها من وجهة نظرها.. إلى اليوم أتمنى لقاءها مرة أخرى لأتعرف على رأيها بعد أن قرأتها! أما من يرفض الرواية، فهو بالتأكيد لم يقرأها بعد، ولا يعرف أنها بلسان الأسود وليس العكس. أفهم أن هناك من يرفض فكرة مواجهة ذاته.. معاناته في ظل مجتمع لا يرحم، مجتمع يجبر الآخر على أن يتماهى معه حتى وإن كان ذلك على حساب مشاعره وأحاسيسه. كثيرا ما شاهدت أصحاب أوزان ثقيلة يضحكون على نكات تسخر من أوزانهم، وهكذا بالنسبة لأبناء طائفة أو قبيلة معينة، الجميع يحاول أن يستغل السخرية لتكون وسيلته في التعايش، إنها كوميديا سوداء، ينتهي منها البطل ليعود لفراشه باكيا متألما من عنصرية الآخر الذي لن يشعر به. بصراحة.. هل تلقيت إشارات بفوز الرواية بجائزة الدولة قبل الإعلان عن الجائزة؟ الاشارة الوحيدة التي تلقيتها كانت ثقة زوجي الكاملة بفكرة فوزي بالجائزة، وهي المفتاح الحقيقي لمشاركتي في مسابقة أجهل آلياتها، وأدرك أن القائمين على مؤسستها طالهم الكثير من انتقاداتي، وهذا ما أشار إليه الروائي ناصر الظفيري في أحد مقالاته وأكد عليه د.علي العنزي في أمسية رابطة الأدباء. بل إنني إلى اليوم أبحث عن إشارة ولو عابرة عن أعضاء لجنة التحكيم لأقول لهم شكرا. لكني عجزت عن الحصول على أسمائهم إلى الآن، ولم أعرف خبر فوزي بالجائزة إلا حين اتصل بي الأمين السابق للمجلس الوطني، بدر الرفاعي، وأبلغني بفوزي، ورغم كل ما طاله مني من انتقاد لأدائه في المجلس إلا أني سأظل أحتفظ له بذكرى تلك المكالمة لأثرها الكبير في نفسي، فرغم كل ما حصدته من جوائز، تبقى تلك الجائزة الأهم والأكثر تأثيرا في نفسي. سنوات من التفكير روايتك الأولى.. كم استغرقت في الكتابة؟ وما الفرق بين هذه التجربة والتجربة القصصية في أسلوب الكتابة؟ روايتي الأولى استغرقت سنوات من التفكير، ظلت تسكنني منذ العام 2002، حين كنت في أميركا، إلى أن قررت الكتابة في 2008 حيث كنت أقيم في القاهرة، وشاهدت رجلا أسود يتوسط ميدان الرماية، عندها شعرت بأنه إشارة من الله أن أبدأ بالكتابة، فنبشت كل ما حملته في روحي عن هذا الموضوع، وكتبت بانسياب استمر سنتين، لم أكن أتوقف إلا لظروف قهرية أحيانا، بالإضافة إلى الوقت الذي التهمه المقال الأسبوعي لجريدة «أوان». تجربتي القصصية، جاءت نتاج سنوات ايضا، ولكن كنت قلقة من نشر التجربة، فرغم أن أولى قصصي كتبت العام 1998، إلا أني طبعت المجموعة في العام 2008. فجاءت مزيجا من تجارب عدة، كنت شاهدا عليها أو مشاركا فيها. حملت تلك التجربة فرحتي الأولى، وعثراتي أيضا، كما أن كل قصة جاءت نتاج حالة خاصة، وإن تم تعميمها، في حين أن «لأني أسود» جاءت لتعبر عن حالة عامة، وإن تم تخصيصها . | |||||||
تعليقات
إرسال تعليق