حوار مع الكاتبة والناشطة الحقوقية لمى العثمان
| ||||
أبكاني حال الإنسان المهمش في الكويت.. فهو فعلاً وحيد
لمى العثمان: الدستور الكويتي في الأصل.. ليبرالي أفراح الهندال قلبها المفطور ردد: «أيها العدل.. بالله مر من هنا»؛ ثم انخرطت في حراك حثيث عنوانه الإنسانية والفكر الواعي والروح الحرة، في مقالاتها وكتاباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.. وحين وجدت ضرورة الحراك ضمن جموع تستهدف غاية تلامس همومها؛ ارتأت اختيار الرأي الحر تحت شعار «أمثل نفسي» يدا بيد زوجها الناشط الإنساني عبدالله المحري، مغربلة مفهوم التبعية والانسياق وراء الشعارات.. وحين كشفت عن تلك الصناديق الحديدية التي تحبس آهات المستضعفين، لم تكتف بالكلمة المكتوبة بل لامست جراح الشارع بخطواتها، هذا ما نعرفه تماما وما لا نعرفه أكثر.. «الكويتية» التقت الناشطة الإنسانية والكاتبة لمى العثمان، لأنها إنسانة لا تتقن إلقاء الكلام جزافا..ولا تهادن الرضوخ الثقافي! • بعيدا عن تقارير المنظمات واللجان، قريبا من متابعتك؛ كيف تقرأ لمى آفاق الحريات في الكويت؟ نحن نعاني ديمقراطية غير ليبرالية، أي ديمقراطية تقيد الحريات، ولا تعترف بالحرية الفردية والحريات المدنية والسياسية والاجتماعية ولا تضمن حقوق الأقليات ولا تحمي حقوق الإنسان. الدستور الكويتي في الأصل هو دستور ليبرالي لأنه يقر بأن «الأحكام الخاصة بالنظام الأميري للكويت وبمبادئ الحرية والمساواة المنصوص عليها في هذا الدستور لا يجوز اقتراح تنقيحها، ما لم يكن التنقيح خاصا بلقب الإمارة أو بالمزيد من ضمانات الحرية والمساواة»، إلا أن الكثير من القوانين تخالف صراحة نصوص الدستور وتجرده من محتواه، فالديمقراطية التي تعادي القيم الليبرالية (التي كفلها الدستور) تنتج القمع والاستبداد. نحتاج لحراك أكبر لمؤسسات المجتمع المدني للتوعية في ما يتعلق بالحريات، جماعة صوت الكويت مثلا تقوم بدور فعال في هذا المجال. اللجوء إلى القضاء • تضامنت مع مطالبات حق اللجوء إلى القضاء للنظر في منازعات الجنسية والإبعاد الإداري؛ ما هي رؤيتك لهذا القانون وكيف تتوقعين نتائج هذه المطالبات؟ نعم؛ فحرمان الأفراد من حق التقاضي بحجة أن قانون الجنسية هو قانون «سيادي» يهدر حق كفله الدستور وهو أن «حق التقاضي مكفول للناس»، كما أن حرمان الأفراد من حق التقاضي في ما يتعلق بقانون الجنسية ينسحب خطره على المواطنين، فسحب الجنسية أو إسقاطها يستند إلى بنود هلامية بدون صدور حكم قضائي، والخطر الأكبر أنه لا يحق لمن سحبت جنسيته التظلم أو الطعن أمام القضاء، الأمر الذي يهدد حقوق المواطنة. • هل تجدينها الحل الأمثل للقضاء على مشكلة انعدام الجنسية؟ نعم؛ فالقضاء هو الملاذ الآمن لإنصاف المظلومين، كما أن الدستور يحدد في المادة 27 أن «الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاط الجنسية إلا في حدود القانون». أيديولوجيا منغلقة • تساءلت مرة: «لماذا وقف بنا الزمن عند الشعارات البالية والأيديولوجيات الحتمية المنغلقة؟ لماذا نظل نلوك النظريات الكلاسيكية التي سقطت؟»، ما إجابات الأسئلة في نظرك انطلاقنا من ثقافة المجتمع؟ وقفن بنا الزمن لأننا أغلقنا مجتمعاتنا؛ لأننا لم نع فلسفة المجتمع المفتوح لكارل بوبر، فيلسوف القرن العشرين، الذي يرى أن المجتمعات المغلقة هي مجتمعات غير متصالحة مع قيم الحرية والفردية والتفكير النقدي، تلك المجتمعات التي تفرض حقيقتها المطلقة لتبرير استبدادها. • تشيرين دوما إلى الفكر الليبرالي الاجتماعي؛ ما القضايا التي يمكن حلها وفق هذا الفكر في مجتمعنا تحديدا؟ كل القضايا التي تتعلق بالإنسان وحقوقه وحرياته، الليبرالية الاجتماعية ترفع شعار الحرية والعدالة الاجتماعية وتسعى لتحقيق الأمن الاجتماعي وتخفيف المعاناة الإنسانية، هي تهتم بالإنسان المهمش والأقل حظا، بالنسبة إلى الكويت هناك الكثير من القضايا التي يجب أن نلتفت إليها، على سبيل المثال غياب قانون يحمي حقوق البدون، فالكويت لم تصادق على الاتفاقية الدولية لعديمي الجنسية، كذلك غياب قانون يحمي الطفل ضد العنف، بالإضافة لانتهاك حقوق المرأة في ما يتعلق بحرمان أبناء المواطنات من الجنسية، وغياب التشريعات الكفيلة بحمايتها من العنف الأسري والمضايقات، وغيرها من الأمور. وقوف.. فاستكمال للكتابة • توقفت عن الكتابة لفترة..هل هو الإحباط أم الصدمات؟ نعم بسبب الإحباط والصدمات وتلوث الجو وانسداد الأفق؛ فالعبرات كانت أكبر من العبارات. • ما الذي أبكى لمى؟ أبكتني العيون الصغير الرطبة، والنظرات القلقة، ومرارة وروع القلوب الصغيرة التي حرمت من أبسط معاني الطفولة وأمانها والأمل بمستقبلها؛ أبكتني المرأة التي ضربت وتلطخت عباءتها بالطين، أبكاني إهانة الرجال والمساس بكرامتهم أمام عوائلهم، لا لشيء سوى الرغبة في العيش الكريم. أبكتني الطفلة المعاقة التي لا يشملها قانون المعاقين في الكويت وحرمت من الرعاية، أبكاني المعاق الذي يعاني حالة عصبية عنيفة والمحبوس في قفص، فدور الرعاية لا تستقبله لأنه بدون؛ أبكاني حال الإنسان المهمش في الكويت، فهو فعلا وحيد، لا ظهر له ولا سند. | ||||
تعليقات
إرسال تعليق