ابتهال الخطيب.. الدموع التي أقضت مضاجع المطمئنين بوهم الاستقرار!
أكاديمية وناشطة حقوقية ترفض الاعتبارات مقابل المنطق الإنساني
أفراح الهندال
صورة د.ابتهال الخطيب وهي تبكي بحرقة وسط تظاهرات البدون في تيماء حفرت بالذاكرة، علقها الكثيرون رمزا للحس الإنساني الحقيقي، دقت جرسا أيقظ الكثير من النائمين في سبات طمأنينة الانغلاق وصم الآذان عمن يعاني من بني جلدتهم، وحفزت الكثير للمشاركة في الكتابة عن قضية البدون من الساحات لا وراء المكاتب المغلقة.
ورغم همها الكبير المنطلق باتجاه حقوق الإنسان ودعم مفاهيم المجتمع المدني والتأكيد على الحريات بلا مهادنة، برزت مواقفها في الحق الإنساني للمواطنة والعيش بكرامة للبدون، وتربص البعض بكلماتها الداعية للحريات ليشكك بأفكارها ومواقفها ويستفز بها الناس ممن هم «مجتمعات سمعية» لا تفكر جيدا بما يقال ولا تسمح للتحاور به.
ومن هنا نتابعها شخصيا وعبر لقاءاتها الإعلامية لنكتب عن هذه الناشطة الحقوقية..الإنسانة التي تدرك جيدا أن الاستقرار المجتمعي وراحة التنعم بأمن الاختلاف البشري وهم على وشك انفجار.
أستاذة الأدب والمسرح الحديث في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الكويت د.ابتهال عبدالعزيز الخطيب، اختارت الصرح الأكاديمي لتنقل رسالتها في الحياة، العلم والفكر والخيال والحريات، ووجدت في الجامعة فئات تعبر عن واقع المجتمع المنغلق الذي اهتمت بنقل الرسالة إليه عبر العمل التطوعي ضمن مجموعة «صوت الكويت» و»جمعية حقوق الإنسان الكويتية»، و الكتابة من خلال صحيفة «أوان» سابقا و «الجريدة» حاليا وعدد كبير من اللقاءات عبر وسائل الإعلام.
الحرية الفكرية
د.الخطيب ترفض أشكال المنع والرقابة والوصاية بشكل مطلق، وشاركت في اعتصامات الكتاب والأدباء ضد الرقابة الفكرية، اعتبارا من أنها «تأسيس لمبدأ الحرية» لتكون اختيارات الناس وقراراتهم ذاتية. فـ «الحرية ليس لها سقف».
فحول الرقابة على الكتب نبهت إلى «ضرورة الإشارة إلى شرح ينبه إلى طبيعته، أو يحدد الفئة العمرية للقارئ المفترض»من دون منعها وإطلاق الأحكام التكفيرية عليها.
وبينت أن الوصاية وفرض أسلوب الحياة للبشر لا يؤسس لثقافة الحوار والإبداع وإعمال العقل، لذا عززت أهمية الحرية الفكرية المسؤولة التي تتكلم وفق إدراك ووعي لا تلقين، ودعت إلى التشريع وفق حاجة وثقافة المجتمعات باعتبار أن «التشريع مجتمعي وليس دينيا»، ووصولا إلى التساؤل حول الذات الإلهية لا تعتبره د.الخطيب انتقادا للدين، بل حقا مشروعا للعقل البشري فـ «وجود الله من عدمه سؤال يتداول منذ الأزل وليس حكرا على أحد»وهو «موجود عند بعض علماء المسلمين الوجودين مثل ابن سينا».
حماة الأمة.. والدين!
وحول من ينصب نفسه وليا لأمور البشر وخاصة من نواب مجلس الأمة، أشارت د.الخطيب في أكثر من محفل بأن منهم من هو متدين فعلا ولكنه يحاسب البشر وفق مفهومه الخاص، فمثلهم «لم يحلف على القرآن بل حلف على الدستور»، في إشارة لاتباع «مصالحه وهو يعلم أن ذلك يخالف مذهبه».
وبخصوص «التصويت بأغلبية لعقوبة الإعدام للمسيء إلى الرسول أو صحابته أو أهل بيته» كتبت واصفة الحالة بأنها «عطش فاحش للقتل والمزيد من القتل. قانون حتى لو لم يقر أو أقر ولم يطبق، لا تزال مجرد فكرة طرحه والتصويت بأغلبية عليه تشير إلى مرض نفسي اجتماعي خطير…نحن شعوب تحب الدماء».
أما حول القضايا المتعلقة باختيارات الإنسان كالزواج أوالتعبير عن الرأي وغيرها والتي تقف لها بعض الفتاوى مانعا، فعبرت بالقول عنها: «أنا في رأيي أن هناك بعض الفتاوى كان لها موقع تاريخي وموقع ظرفي زماني ولا يجب أن تعمم الآن لأنها في واقعنا الحالي وتحت معاهدات حقوق الإنسان الكثيرة لا تتماشى مع المنطق الإنساني».
البدون.. القضية الأهم
وترى د.ابتهال الخطيب أن قضية البدون هي «الأهم على الساحة»، والتي يجب حلها لمصلحة الجميع، وأن «راحة البدون وحصولهم على حقوقهم هي من راحة وأمن البلد سياسيا واجتماعيا وقانونيا»، رافضة المماطلة الحكومية بمقالها «لقد قتلت القضية بحثاً ودراسة وتحليلاً وتمحيصاً. خمسون سنة و«الخبراء» يدرسون والحكومة تماطل، ترى، هل هناك أي نتيجة تتوقعها الحكومة من هذه المماطلة؟ ربما، كلما امتد العذاب، يدب اليأس فيظهرالبدون، الجيل الخامس الآن، أوراقاً توارثوها عن أجداد أجدادهم، وربما يغادرون الكويت ويتركون خيرها لأهلها، لكن الحكومة تعرقل حتى طلبات الهجرة واستصدار وثائق سفر، إذن الحكومة لا تريد للبدون أن يغادروا أرض الكويت. طيب، ربما الغرض من المماطلة هو التذويب والتبخير، لربما يذوب البدون، أو يتبخرون، أو تصيبهم جميعاً حالة من العقم فيتوقف نسلهم وتتبدد قضيتهم، لكن الحكومة تجلسهم في بيوتهم، لا عمل ولا شغل، تمنعهم التعليم وتحجبهم عن الاختلاط بالمجتمع، يتكاتف عليهم العزل والضعف الثقافي والملل والقهر، فينجبون أولاداً، والمزيد من الأولاد، إذن الحكومة تشجعهم على زيادة النسل». تاركة التساؤلات بإجابات يدركها من تصله: «من الذي يهمل ويماطل ويعرقل؟ من الذي يرفض تحويل ملفات البدون إلى القضاء ليبتّ فيها؟ من الذي يقدم الوعود لكي ينكثها؟ من الذي يصر على امتلاكه أوراقا ثبوتية للبدون ثم يتراجع عن إظهارها؟ من الذي يتركنا جميعا غرقى هذا التجاذب الاجتماعي والنفسي والإنساني؟».
للإنسانية لا المعتقدات الخاصة
د.ابتهال الخطيب..تؤكد مرارا على أنها تشعر بالأمان في ظل اختياراتها وعملها بما تؤمن به من أفكار، «عملي التطوعي الأساسي ينصب في الحريات وحقوق الإنسان، لذا لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أسمح لمعتقدي أو توجهي الفكري أو مشاعري أو آرائي الشخصية أن توجه أحكامي الإنسانية».
وأمام تلك المحاكم البشرية الموزعة بلا حس إنساني، تقول: «أضع حقيبتي الإنسانية التي أحمل فيها إيمانياتي ومعتقداتي ومشاعري جانبا، وأتخفف من كل تحيز، ما أمكن، لأصدر حكما إنسانيا يمكن تطبيقه على الستة مليارات إنسان على سطح الخليقة.
المبادئ لا تتجزأ ولا تنتقى، وليست رهن الموقف أو الوقت أو الأشخاص المعنيين وتوجهاتهم، المبادئ الإنسانية شاملة، عامة، متحررة من كل تقليد، أو انتماء، متلبسة ثوب الإنسان في أنقى وأبسط صوره دونما قيد أو شرط أو توصيف. الحقوقي يشبه عمله عمل المحامي إلى حد ما، فالمحامي يدافع عن المتهم ما أمكنه ليضمن له حكما عادلا ما أمكن، وكذا المؤسسات الحقوقية، دورها أن تسعى للدفع بالحق الإنساني، بالتسامح والقبول ما أمكن، ولو بطريقة مبالغ فيها كما يبدو للبعض، حتى يتوازن عملها مع الشر الكثير في الدنيا».
الموضوع منشورا
أفراح الهندال
صورة د.ابتهال الخطيب وهي تبكي بحرقة وسط تظاهرات البدون في تيماء حفرت بالذاكرة، علقها الكثيرون رمزا للحس الإنساني الحقيقي، دقت جرسا أيقظ الكثير من النائمين في سبات طمأنينة الانغلاق وصم الآذان عمن يعاني من بني جلدتهم، وحفزت الكثير للمشاركة في الكتابة عن قضية البدون من الساحات لا وراء المكاتب المغلقة.
ورغم همها الكبير المنطلق باتجاه حقوق الإنسان ودعم مفاهيم المجتمع المدني والتأكيد على الحريات بلا مهادنة، برزت مواقفها في الحق الإنساني للمواطنة والعيش بكرامة للبدون، وتربص البعض بكلماتها الداعية للحريات ليشكك بأفكارها ومواقفها ويستفز بها الناس ممن هم «مجتمعات سمعية» لا تفكر جيدا بما يقال ولا تسمح للتحاور به.
ومن هنا نتابعها شخصيا وعبر لقاءاتها الإعلامية لنكتب عن هذه الناشطة الحقوقية..الإنسانة التي تدرك جيدا أن الاستقرار المجتمعي وراحة التنعم بأمن الاختلاف البشري وهم على وشك انفجار.
أستاذة الأدب والمسرح الحديث في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الكويت د.ابتهال عبدالعزيز الخطيب، اختارت الصرح الأكاديمي لتنقل رسالتها في الحياة، العلم والفكر والخيال والحريات، ووجدت في الجامعة فئات تعبر عن واقع المجتمع المنغلق الذي اهتمت بنقل الرسالة إليه عبر العمل التطوعي ضمن مجموعة «صوت الكويت» و»جمعية حقوق الإنسان الكويتية»، و الكتابة من خلال صحيفة «أوان» سابقا و «الجريدة» حاليا وعدد كبير من اللقاءات عبر وسائل الإعلام.
الحرية الفكرية
د.الخطيب ترفض أشكال المنع والرقابة والوصاية بشكل مطلق، وشاركت في اعتصامات الكتاب والأدباء ضد الرقابة الفكرية، اعتبارا من أنها «تأسيس لمبدأ الحرية» لتكون اختيارات الناس وقراراتهم ذاتية. فـ «الحرية ليس لها سقف».
فحول الرقابة على الكتب نبهت إلى «ضرورة الإشارة إلى شرح ينبه إلى طبيعته، أو يحدد الفئة العمرية للقارئ المفترض»من دون منعها وإطلاق الأحكام التكفيرية عليها.
وبينت أن الوصاية وفرض أسلوب الحياة للبشر لا يؤسس لثقافة الحوار والإبداع وإعمال العقل، لذا عززت أهمية الحرية الفكرية المسؤولة التي تتكلم وفق إدراك ووعي لا تلقين، ودعت إلى التشريع وفق حاجة وثقافة المجتمعات باعتبار أن «التشريع مجتمعي وليس دينيا»، ووصولا إلى التساؤل حول الذات الإلهية لا تعتبره د.الخطيب انتقادا للدين، بل حقا مشروعا للعقل البشري فـ «وجود الله من عدمه سؤال يتداول منذ الأزل وليس حكرا على أحد»وهو «موجود عند بعض علماء المسلمين الوجودين مثل ابن سينا».
حماة الأمة.. والدين!
وحول من ينصب نفسه وليا لأمور البشر وخاصة من نواب مجلس الأمة، أشارت د.الخطيب في أكثر من محفل بأن منهم من هو متدين فعلا ولكنه يحاسب البشر وفق مفهومه الخاص، فمثلهم «لم يحلف على القرآن بل حلف على الدستور»، في إشارة لاتباع «مصالحه وهو يعلم أن ذلك يخالف مذهبه».
وبخصوص «التصويت بأغلبية لعقوبة الإعدام للمسيء إلى الرسول أو صحابته أو أهل بيته» كتبت واصفة الحالة بأنها «عطش فاحش للقتل والمزيد من القتل. قانون حتى لو لم يقر أو أقر ولم يطبق، لا تزال مجرد فكرة طرحه والتصويت بأغلبية عليه تشير إلى مرض نفسي اجتماعي خطير…نحن شعوب تحب الدماء».
أما حول القضايا المتعلقة باختيارات الإنسان كالزواج أوالتعبير عن الرأي وغيرها والتي تقف لها بعض الفتاوى مانعا، فعبرت بالقول عنها: «أنا في رأيي أن هناك بعض الفتاوى كان لها موقع تاريخي وموقع ظرفي زماني ولا يجب أن تعمم الآن لأنها في واقعنا الحالي وتحت معاهدات حقوق الإنسان الكثيرة لا تتماشى مع المنطق الإنساني».
البدون.. القضية الأهم
وترى د.ابتهال الخطيب أن قضية البدون هي «الأهم على الساحة»، والتي يجب حلها لمصلحة الجميع، وأن «راحة البدون وحصولهم على حقوقهم هي من راحة وأمن البلد سياسيا واجتماعيا وقانونيا»، رافضة المماطلة الحكومية بمقالها «لقد قتلت القضية بحثاً ودراسة وتحليلاً وتمحيصاً. خمسون سنة و«الخبراء» يدرسون والحكومة تماطل، ترى، هل هناك أي نتيجة تتوقعها الحكومة من هذه المماطلة؟ ربما، كلما امتد العذاب، يدب اليأس فيظهرالبدون، الجيل الخامس الآن، أوراقاً توارثوها عن أجداد أجدادهم، وربما يغادرون الكويت ويتركون خيرها لأهلها، لكن الحكومة تعرقل حتى طلبات الهجرة واستصدار وثائق سفر، إذن الحكومة لا تريد للبدون أن يغادروا أرض الكويت. طيب، ربما الغرض من المماطلة هو التذويب والتبخير، لربما يذوب البدون، أو يتبخرون، أو تصيبهم جميعاً حالة من العقم فيتوقف نسلهم وتتبدد قضيتهم، لكن الحكومة تجلسهم في بيوتهم، لا عمل ولا شغل، تمنعهم التعليم وتحجبهم عن الاختلاط بالمجتمع، يتكاتف عليهم العزل والضعف الثقافي والملل والقهر، فينجبون أولاداً، والمزيد من الأولاد، إذن الحكومة تشجعهم على زيادة النسل». تاركة التساؤلات بإجابات يدركها من تصله: «من الذي يهمل ويماطل ويعرقل؟ من الذي يرفض تحويل ملفات البدون إلى القضاء ليبتّ فيها؟ من الذي يقدم الوعود لكي ينكثها؟ من الذي يصر على امتلاكه أوراقا ثبوتية للبدون ثم يتراجع عن إظهارها؟ من الذي يتركنا جميعا غرقى هذا التجاذب الاجتماعي والنفسي والإنساني؟».
للإنسانية لا المعتقدات الخاصة
د.ابتهال الخطيب..تؤكد مرارا على أنها تشعر بالأمان في ظل اختياراتها وعملها بما تؤمن به من أفكار، «عملي التطوعي الأساسي ينصب في الحريات وحقوق الإنسان، لذا لا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أسمح لمعتقدي أو توجهي الفكري أو مشاعري أو آرائي الشخصية أن توجه أحكامي الإنسانية».
وأمام تلك المحاكم البشرية الموزعة بلا حس إنساني، تقول: «أضع حقيبتي الإنسانية التي أحمل فيها إيمانياتي ومعتقداتي ومشاعري جانبا، وأتخفف من كل تحيز، ما أمكن، لأصدر حكما إنسانيا يمكن تطبيقه على الستة مليارات إنسان على سطح الخليقة.
المبادئ لا تتجزأ ولا تنتقى، وليست رهن الموقف أو الوقت أو الأشخاص المعنيين وتوجهاتهم، المبادئ الإنسانية شاملة، عامة، متحررة من كل تقليد، أو انتماء، متلبسة ثوب الإنسان في أنقى وأبسط صوره دونما قيد أو شرط أو توصيف. الحقوقي يشبه عمله عمل المحامي إلى حد ما، فالمحامي يدافع عن المتهم ما أمكنه ليضمن له حكما عادلا ما أمكن، وكذا المؤسسات الحقوقية، دورها أن تسعى للدفع بالحق الإنساني، بالتسامح والقبول ما أمكن، ولو بطريقة مبالغ فيها كما يبدو للبعض، حتى يتوازن عملها مع الشر الكثير في الدنيا».
الموضوع منشورا
|
تعليقات
إرسال تعليق