البحرين.. أن نكون بشراً أو رعاعا!

على خلاف الربيع العربي العابر بالدول العربية التي ترامت فوق بعضها تباعا ومازال بعضها ينازع لمنع تجلياته، ارتبطت مفردة «الربيع» في أذهاننا بالجمال الذي نشره البحرينيون انطلاقا من العام 2006 عبر مهرجان «ربيع الثقافة» السنوي، الذي لفت نظر المثقفين في شتى البقاع، وحورب مرارا منعوتا بالجهل والسخافة والتمرد وحتى المجون من قبل المتشددين، دون أن تتعكر تفاصيله المؤسسة بالإبداع والخيال والفرح لأفكار مثقفي البحرين وأبنائهم.

ولكن «ربيع الثقافة» البحريني، وبرغم الاحتفاليات التي تزينه هذا العام باسم «عاصمة الثقافة للعام 2012»، يأتي جريحاً تكسوه الضمادات، وتغور به الجراح وتغمره الدموع، فكيف لنا أن ننشر أخبار عاصمة «المشموم» والحرائق عطرها؟

تستحق المنامة هذا الوسام بمفكريها ومثقفيها وأدبائها وشعبها الذي تشكل له الثقافة خبزهم اليومي منذ القدم، ولكن لا يمكن اعتباره مهرجانا واحتفالية للفرح وأساسياتها مخلخلة اليوم، «الأمن» جناحها الأول، و»الحرية» قرينه للتحليق، وعصافير اللؤلؤة «سجينة»، ودوارها أزيل ليرمم عليه طريق مزكى لتدوينه في «اليونسكو» بهيئة جديدة تطمس الهتافات التي مرت عليه، ولم تناد بغير مطالبات مشروعة للبشر.

لست مع الاستماع إلى من ينصبون أنفسهم ولاة للإنسانية، وجنودا للدفاع عن الحريات من خارج البحرين، وخلفهم مقاصل ومقابر مازالت تئن، ولكني أنصت إلى أصوات الأحرار في البحرين الذين ينادون إلى وحدة وطنية وما يعبر عن المصالح العليا لهذا الوطن، والتي أكدها الدستور والميثاق برفض أشكال التمييز والمحاباة كافة، وبتأكيد الحقوق والواجبات وبضمان قيم العدالة والحرية والمساواة، وبهذا نعتد بالمواطنة في ظل تمكن «الإنسان» من الحصول على حقوقه المشروعة، وأولها حق التعبير عن رأيه، وهو الموقف الذي يفصل بين كوننا بشرا أو رعاعاً، نكتفي بلقمة العيش دون التنفس في هذه الحياة!

لا بد من احتفالية تضم أبناء الشعب وتعتز بهم، وتطلق زغاريد الحريات الإبداعية والتعبيرية بأشكالها كافة، نحتاج إلى الأخبار التي تخلو من الاعتقالات وسجناء الرأي وقتلى المواقف، نحتاج إلى أن نتابع ثقافة البحرين ومثقفيها من أرضها، لا بملاحقة تلك العقول المهاجرة والمنفية خارجا..
قديما قيل: «بإمكانك أن تعتقل إنسانا، ولكنك لن تستطيع مصادرة الحلم».. وأحلام المبدعين لا يمكن أن تعبر إلا بتدوينة للتاريخ، فما الذي ستضمه حضارة «دلمون» إليها؟

أفراح الهندال
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=9266