حنظلة البدون.. وبيوض العنصرية!
«البدون».. اسم لأفراد أعلنوا انسجامهم مع الطبيعة في ضرورة الهجرة والتنقل عبر الصحراء والبحار.. أو حتى غبار الطلع..! لم تعلمهم الطبيعة بأن الكهوف وطن، ولم تخبرهم بزفافها إلى السيد «القانون»، الغافي المصون، والذي سيقبض على الحاضرين بلا «بطاقة دعوة» عندما يفيق!
كان يلزمهم صورة تذكارية مختومة بتأريخ داخل السور، أو «نيغاتيف» لا تذوبه أحماض العنصرية والنخبوية وأوهام الاصطفاء..
وإن ذكر أن بينهم مندسين وغير مستحقين، فذلك ليس سببا لأن يوسع سجن «البدونية»، وأن تعلق مشانق «الإبعاد» للمطالبين بحقوقهم، ترهيبا لأولئك الـ.. مندسين.
من أسباب خريطة الوجع لهذه القضية المثقلة بالزمن والإجراءات، كائنات لم يعرفها الكثير ممن عجزوا عن تفسير إقصاء هذا الملف وإرجاء حلّه، كائنات تبصق من أبراجها العاجية متأهبة لصد ومقاومة أي أوامر عليا تنزلهم على أرض الواقع، وتجمعهم بالبشر والأرض والحياة بهواء مشترك وطبيعي، عرفوها حين فوجئوا بتلك «البيوض» المتراكمة في عش العنصرية، بيوض يقبع فيها المتدفئون بهلامية الوجود، اللائذون بفكرة أن عشهم معلق بين السماء والأرض ولا شجرة أو جذور أو أرض.
أما الهزة التي أقلقت تلك الأعشاش؛ فلم تأت من فراغ، وهي حملات الانتصار لقضية البدون المتجددة، وهي ليست وليدة اليوم، بل نشأت مع الاسم المتغير بحسب مزاج «خبيرها» ما بين «المقيمين بصورة غير شرعية» و«غير محددي الجنسية» و«غير الكويتيين» واقتراحات متطورة بحسب اجتراحات مشرط القانون! وتلك الحملات تصدح أخيرا بشكل أكبر في التكنولوجيا التي لم تتسلط على الإنسان ولم «تشيّئ» الضمائر ولم تجمدها، أحيتها المدونات ودعمها «تويتر» بقوة، وحدهم المنعزلون في أوهام الملكية أضاعوا ضمائرهم وخسروا العالم..
من تلك الحملات فكرة «قلب الصورة» تضامنا مع قضية البدون، والتي ابتكرها المبدع أحمد الخليفي، والتي استمرت بجمال وبمظاهر تعبر عن أحقيتها وضرورتها، وبالاعتصامات التي حاولت رفع صوتها قدر المستطاع دون أن تسبب الأذى للآذان المصابة بصعوبة التلقي.
وآخرها التي ابتكرها «حنظلة البدون»، المبدع الموجوع بالهم الأسمى، والذي اتخذ من «صبيّ» ناجي العلي شعارا، المدير لظهره، عاقدا يديه خلفه معبراً عن رفض للواقع، حيث طرح فكرة القيام بتجمع سلمي للبدون لحمل الشموع، رمزا للأمل والحرية، وطورها باقتراحات الكثير لتكون حملة تتضمن الوقت والفعل ولكن بمكان غير محدد، بحيث يسهل لأكبر قدر ممكن من الناس في الكويت وخارجها التفاعل معها، وبرزت بالصور الرائعة والكلمات المعبرة التي يمكن الاطلاع عليها من خلال مدونة «حنظلة البدون» أو «هاشتاغ: مبدعون_بدون» على «تويتر».
أبسط كتابة نشرت على هذا الهاشتاغ لا يمكنها أن تمر دون أن تتبلل بالدمع، اقرأوا الأسماء والكلمات والإنجازات وراجعوا فداحة الواقع الذي نقبل به على إخوتنا، واختاروا ما بين مراقبة طمأنينة تلك البيوض أو التأييد ولو بـ.. شمعة!
حين سُئل ناجي العلي عن موعد رؤية وجه حنظلة أجاب: «عندما تصبح الكرامة العربية غير مهددة، وعندما يسترد الإنسان العربي شعوره بحريته وإنسانيته»، وكذلك كرامة الإنسان من بيننا وحريته؛
لابد أن ننتصر لها، وطننا أحق بالتفاعل البناء بينه وبين أبنائه، ألا تشتاقون لوجه حنظلة البدون.. ابن الكويت؟
أفراح الهندال
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=11673
تعليقات
إرسال تعليق