التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«اللاإنسانية» بقسم الفلسفة في جامعة الكويت!






«إما أنها جرعة للبلهاء أو أن المتحدث مصاب بالتوحد!» هذا ما خطر في ذهني وأنا أستمع إلى «الكاتب المترجم المفكر الفيلسوف... الأستاذ في قسم الفلسفة بجامعة الكويت د.عزت القرني»، في محاضرة بعيدة عن الفلسفة والإنسانية رغم أن عنوانها «الوضع الإنساني: الإنسان أمام ذاته و في مقابل الغير و العالم»!
جاءتني الدعوة عن طريق الصدفة في «تويتر» بدعوة د.حنان الخلف، وبقدر جمالية العنوان ودغدغته لكينونة وجودنا الباحثة عن ملامسات همومها توجهت إلى جامعة الكويت، وإلى ندوة قسم الفلسفة..
صدمتي الأولى بتمهيد الأستاذ د.قرني من خلال عبارته: «أنا متأكد أنكم لن تخرجوا من هذه الندوة كما دخلتم».. تساءلت في داخلي عن هذه الثقة التي تستدعي كاتبا لأن يوزعها «شعورا» ملقّنا على الحضور، ولم تمر صدمتي الأولى حتى بوغت باسترسال الطرح المجرد من التفكر الفلسفي الخالي من الإحالات والمقارنة والتدارس، المانع للحوار والمكتفي بـ «نص أدبي قصير» للجاحظ يشرح فيها «صفات الإنسان» ليضيفها إلى فقرة أقصر منها له مشكلة من خلال الفقرتين «خلاصة عشر سنوات من الإعداد لهذا الكتاب موضوع الندوة» كما يبين..!
الكتاب الذي ألفه وأحالنا إليه الدكتور الفاضل قال أنه فقده مع الدار التي كانت ستنشره ثم أغلقت (...)، أما رؤاه التي أراد الحديث عنها فآثر الامتناع عن ذكرها احتراما لوقت المحاضرة، لنستكمل استماعنا إلى سمات الإنسان عند الجاحظ من مثل «الأكل والتكلم والطبخ..والنفخ»!
وبعد فتح باب المداخلات؛ سأله د.محمود سيد أحمد عن سبب امتناعه عن ذكر الفلاسفة الذين سبقوه بمئات السنوات في طرح المفاهيم التي تناولها متجاوزا لها، ليرد في تناقض واضح أنه قارئ لكل الفلسفات السابقة، ومنها الغربية، وأنه يتجنب هؤلاء «الراغبين بتدمير أمتنا الإسلامية والعربية»، وليعتبر هذا التساؤل تشكيكا في «أطروحته العظيمة» مؤكدا «تحديه» لأن يجد أحد فيها سرقة أو اقتباسا من مؤلف سابق! وليعود مناقضا حديثه بإنكار دور تلك الفلسفات في تشكيل ثقافته التي يكتب من خلالها، متجاهلا التراث الفلسفي الكامل في تشكيله للوعي.
ولم يخرج هذا التحدي من إجابته عن سؤال د.محمد الوهيب الذي استغرب تجاوزه لإنجاز الباحثة حنا أرندت العالمة بالوضعية الإنسانية المعاصرة مبينا تجنبه لها وعدم رغبته في القراءة لها لأنها «يهودية» وليست فيلسوفة أو باحثة بل «كاتبة صحفية».
لم يكن الغريب بهذه المحاضرة «الأنا» المتضخمة عند محاضرها لدرجة التوحد بها فكرا وثقافة وحديثا وسؤالا وإجابة، ولا نظرية «المؤامرة ورغبة التدمير» التي تسيطر على رؤيته لفكر فلاسفة الغرب، ولا عدسة التمييز التي يغربل بها قراءاته من خلال الانتماء العرقي والديني، ولا كون هذا الرجل يدرّس في جامعة الكويت منذ عشرات السنين، ولا الأسى الذي يسيطر على كراسي القاعة الخالية مرافقة لسيمفونية حزينة اسمها اللا إنسانية في فكر معلم الفلسفة الإنسانية! وأيضا ليس فقده للكتاب ذو النسخة الوحيدة عند الدار الناشرة الهاربة..
بل..بالدهشة التي غمرت د.قرني لينقل لنا أساتذة وطلبة... مفهوم الإنسان بأنه الكائن الذي «يطبخ»..!



أفراح الهندال 

http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=10594 

تعليقات

المشاركات الشائعة