سارقو العنزة..!



على مدى أيام وأنا أتابع المساجلات والآراء المختلفة بشأن تداعيات التظاهر في «ساحة الإرادة»، ما بين تأييد اقتحام المظاهرات لمبنى مجلس الأمة أو تبرير أسبابها أو تهميش وقوعها!، وآخرين يستدركون باعتبار دخول مبنى البرلمان تسرعا وخطأ وزلة يجب ألا تتكرر؛ خاصة من أكاديميين عرف عنهم قوة طرحهم السياسي كأستاذي العلوم السياسية د.غانم النجار ود.شفيق الغبرا، وآخرين شجبوا واستنكروا بشدة هذا الفعل، وكان ذلك استفزازاً لأفكاري، لم يبعدني طوال ساعات عن الكتابة والتعقيب والمداخلة بعبارات موجزة تختصر الفكر.
كثيرة هي الردود التي تفاعلت سلبا أو إيجابا، ولكنها لم تخرج عن دائرة نقاش الفكرة، إلا أن سؤالا صادما باغتني: «منذ متى تهتمين بالسياسة يا أفراح؟»، عجبت لأمر السائل الذي رأى أنه يجب على المحسوبين على الوسط الثقافي التقوقع في برج عاجي، يداولون الشعر والأدب والفن ويتركون السياسة «لأهلها»، متناسيا حرية التعبير لكل فرد، إضافة إلى ضرورة طرح الآراء في قضية حساسة تمس جوانب مهمة في البلد خاصة بصفة المواطنة، ولعلاقة الكتاب جميعا من مختلف مشاربهم بالسياسة بشكل خاص!
كيف لي أن أصمت في ساحة تدور فيها طاحونة لا تنتج سوى دقيق التصارع والتناهش؛ كيف لي أن أكتفي بالمشاهدة واحتدام السجالات يفرز السباب والتنابز والتلميح بالانتماءات الاجتماعية باستحقار، ليستشري في جسد وطني، إذا كان الحراك «ابن الشارع»، فحري بالنوافذ أن تفتح جميعا؟ الشوارع تختنق بضيق الأفق!
ما علاقة العنزة بحديثي هذا؟
قرأت خبرا عن أميركي اتهم بسرقة عنزة من أحد الجيران ليعدها وليمة لذيذة لبقية جيرانه! ورغم شكوى الجار فإنه كما يبدو برر لنفسه السرقة باعتبار العنزة كانت «تسرح وتمرح وترعى» في مزارع الجميع، ما جعلها بعد أن كبرت مطمعا لينال من ورائها صفة الكرم والبذل والمهارة في الطبخ وتفانيه في روح العطاء والتكافل الاجتماعي، إضافة إلى حذقه في مقادير الوليمة!
وما علاقة هذا أيضا؟
استرسالي في تخيل تفاصيل تلك السرقة «بعض خيال»؛ وهو «محور المقال» ورابطه؛ حيث لم أر «العنزة» إلا «حجج» رواد الحراك المعارض، التي جرّها البعض من تلابيبها مستلا القضية ومتصدرا إياها، إذ ترعرعت في ظل «الربيع العربي»، و«تمخطرت» بين الأطراف المختلفة المتناقضة أصلا، وكبرت ليطمع فيها الراغبون ببطولة نحر الذبيحة وإيلامها بصورة لا تخلو من إبهار وعظمة!
أوراق الحراك مبعثرة، ولو تركوا العنزة تأكلها لكان أفضل من أن تكون وليمة ينهشها السارقون أمام صمت أصحابها!



 أفراح الهندال
 19/11/2011
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=4283

تعليقات

المشاركات الشائعة