ثورات رجال «النظّارات»..
شهد الكثير من المجتمعات عبر التاريخ تحركات شعبية واسعة؛ اتخذ بعضها
الحراك الثوري وهادن بعضها بملامح الاعتصامات والإضرابات، ولكن اجتمعت على مطالب
التغيير، وهنا يكمن المحك في اعتبار تلك التحركات مؤثرة ومغيرة أو مجرد عاصفة
عابرة لم تقتلع أثقالها؛ فالتحركات التي انشغلت بأهداف مرحلية محدودة ستتشتت
بانتهاء مسبّبها؛ ولن تتمكن من استجماع حشودها من جديد بعد تدني مستوى الطموحات
وانغلاقها «الشخصاني»، وبعد وهن أفرادها واستنزاف طاقاتهم من أجل تلك القضية
المجردة!
وهنا أنا لا أقلل من أهمية أي تحرك أو انتفاضة شعبية، فعلى الشعوب وحدها أمل التغيير، ولكن حوارا ثقافيا جادا جعلني أراجع الأحداث الأخيرة في الكويت والتي خلفت حل المجلسين؛ أداره د.سليمان الهتلان على قناة «الحرة» مساء أمس الأول مع المفكر السعودي د.إبراهيم البليهي، وهو الباحث الذي تناول «الجهل» من مختلف جوانبه مؤسسا منهجا لتحليل وتفكيك بنية الجهل المركب وتأسيس علم جديد لكشف هذه البنية الخطيرة، إذ أيد التغييرات التي تحصل في الوطن العربي، وأكد انتهاء الاستبداد والمراكز السلطوية، ولكنه في المقابل أشار إلى عدم «تغيّر الذهنية العربية» ومدللا على ذلك بقوله: «علينا إدخال طريقة تفكير جديدة لا تغيير الأشخاص فقط في الثورات؛ نحتاج إلى ثورة ثقافية»، لافتا إلى أن الذهنيات التي انتخبت الفئات المتشددة كبدائل؛ هي نفسها التي جاءت بالقذافي وبن علي وغيره من الزعماء الدكتاتوريين، ومقارنتي هذه تأتي لوصف حالة اليأس من تلك التحركات التي تحتشد دون مشروع حقيقي موسع، ودون تخطيط استراتيجي، ودون نظرة تضع التطور المدني التنموي على المستوى الثقافي والاجتماعي والأكثر أهمية.. الإنساني ضمن أجندتها.
المشكلة ليست في الحشود التي آمنت بالتغيير عن طريق «إرادتها»؛ بل في من يدركون «تأثيرهم» القوي والحاسم المتخاذلين أمام تلك القضايا الأكثر أهمية للبلد؛ مشكلات الجنسية وتعدد موادها؛ الأزمة المتصدعة على جدارية بلدنا بوجع «البدون»، انخفاض مستوى المخرجات التعليمية، التنازع على منع التعليم المشترك وإطلاق الحريات وإلغاء الرقابة على الفكر وتقنين الأنشطة الثقافية في البلد وإهدار المال العام بين قضايا الفساد وعدم تفعيل خطط التنمية في الدولة وغيرها.. كلها مطروحة أمام من اعتلوا منصات «الإرادة»، فبأي منها سيؤمنون ويستكملون حراكهم إن لم ينته بعد؟
ليس من السخرية استذكاري لقول الشاعر الأميركي أوليفر هولمز: «لا يقود الثورات رجال يرتدون نظارات»، إذ إنني أعوّل على النظارات و«التنظيرات» الكثيرة التي اكتست ساحة الإرادة والمواقع الاجتماعية.. الالتفات ببصيرتها وضميرها.
وهنا أنا لا أقلل من أهمية أي تحرك أو انتفاضة شعبية، فعلى الشعوب وحدها أمل التغيير، ولكن حوارا ثقافيا جادا جعلني أراجع الأحداث الأخيرة في الكويت والتي خلفت حل المجلسين؛ أداره د.سليمان الهتلان على قناة «الحرة» مساء أمس الأول مع المفكر السعودي د.إبراهيم البليهي، وهو الباحث الذي تناول «الجهل» من مختلف جوانبه مؤسسا منهجا لتحليل وتفكيك بنية الجهل المركب وتأسيس علم جديد لكشف هذه البنية الخطيرة، إذ أيد التغييرات التي تحصل في الوطن العربي، وأكد انتهاء الاستبداد والمراكز السلطوية، ولكنه في المقابل أشار إلى عدم «تغيّر الذهنية العربية» ومدللا على ذلك بقوله: «علينا إدخال طريقة تفكير جديدة لا تغيير الأشخاص فقط في الثورات؛ نحتاج إلى ثورة ثقافية»، لافتا إلى أن الذهنيات التي انتخبت الفئات المتشددة كبدائل؛ هي نفسها التي جاءت بالقذافي وبن علي وغيره من الزعماء الدكتاتوريين، ومقارنتي هذه تأتي لوصف حالة اليأس من تلك التحركات التي تحتشد دون مشروع حقيقي موسع، ودون تخطيط استراتيجي، ودون نظرة تضع التطور المدني التنموي على المستوى الثقافي والاجتماعي والأكثر أهمية.. الإنساني ضمن أجندتها.
المشكلة ليست في الحشود التي آمنت بالتغيير عن طريق «إرادتها»؛ بل في من يدركون «تأثيرهم» القوي والحاسم المتخاذلين أمام تلك القضايا الأكثر أهمية للبلد؛ مشكلات الجنسية وتعدد موادها؛ الأزمة المتصدعة على جدارية بلدنا بوجع «البدون»، انخفاض مستوى المخرجات التعليمية، التنازع على منع التعليم المشترك وإطلاق الحريات وإلغاء الرقابة على الفكر وتقنين الأنشطة الثقافية في البلد وإهدار المال العام بين قضايا الفساد وعدم تفعيل خطط التنمية في الدولة وغيرها.. كلها مطروحة أمام من اعتلوا منصات «الإرادة»، فبأي منها سيؤمنون ويستكملون حراكهم إن لم ينته بعد؟
ليس من السخرية استذكاري لقول الشاعر الأميركي أوليفر هولمز: «لا يقود الثورات رجال يرتدون نظارات»، إذ إنني أعوّل على النظارات و«التنظيرات» الكثيرة التي اكتست ساحة الإرادة والمواقع الاجتماعية.. الالتفات ببصيرتها وضميرها.
أفراح الهندال
http://www.alkuwaitiah.com/ArticleDetail.aspx?id=5652
تاريخ الخبر : 11/12/2011 |
تعليقات
إرسال تعليق