التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حوار مع القس إميل حداد: دعوة النائب الكويتي لهدم الكنائس.. غير إنسانية



تاريخ الخبر : 02/03/2012 08:02اّخر تحديث : 02/03/2012 08:02
التقارب الديني لا يخلو من النفاق.. والحرية الدينية أولى

إميل حداد: دعوة النائب الكويتي لهدم الكنائس.. غير إنسانية

أفراح الهندال


لا جديد في مؤتمرات «الحوار بين الأديان» ومحاولات «التقارب الديني»، فلا منطقية في تنظيمها، ولا نتائج لها سوى الفشل الذريع الذي يلازمها، ومن هنا صارت تلك التنظيمات مجرد شكليات يمازجها الكثير من المثالية والمجاملة التي لا تخلو من النفاق! وصار ضروريا التركيز على قبول الاختلاف والاحتفاء بجماليته مادامت في ظل القيم والأخلاق والتعامل الإنساني الطبيعي.
من هنا نادت بعض المنظمات الحقوقية بضرورة «قبول الآخر»، ومنها منظمة «سفراء السلام» التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها، ويترأسها القس إميل حداد الذي أسسها..
«الكويتية» قابلته للتعرف إلى رؤاه وللاقتراب من تصوراته لواقعنا الحالي:

• حدثنا عن زيارتك إلى الكويت؟
تحظى ذاكرتي بصورة جميلة متألقة عن الكويت منذ السبعينيات، هذا البلد الريادي في الثقافة والحريات والجمال والسبق التنويري للمجتمعات معرفيا وعلميا بواقع الوعي والعمل المؤسسي، وتكررت زيارتي الثانية للكويت بعد 20 عاما، ورغم الاختلاف وظهور بعض الممارسات الغريبة التي تلبسها بعض التشدد والتأخر عن الركب الأول، إلا أنني ظللت أكرر زياراتي تباعا لأني أعرف أن جوهر هذا البلد هو التطور والرقي.
ومما استغربته هو دعوة أحد نواب مجلس الأمة الأخير لهدم الكنائس ومنع بنائها، وهذا ما أراه مخالفا للمنطق وللدعوات الإنسانية التي تنادي بقبول الاختلاف واحترام الحريات الدينية، وضرورة احترام دور العبادة، ورفض دعوات هدم دور العبادة التي يذكر فيها اسم الله، وانطلاقة مركزنا جاءت دفاعا عن هذا المبدأ، وتحديدا بعد الهجوم الإعلامي على المسلمين إثر أحداث سبتمبر الشهيرة.
• حدثنا عن هذه البداية؟
بدأ المركز في العام 2003 ردا على «تبعات» أحداث سبتمبر، وجاء الرد متأخرا بعد أن صارت الرسائل الإعلامية والتحرك الإسلامي والمسيحي والمدني متضاربين، فصورة المسلمين في الغرب صارت مرتبطة بالإرهاب والعنف والتهجم على الآخرين، وبدأ الصراع يشتعل إعلاميا لذا آثرت مجموعة التجمع شعراء وأدباء ومثقفين باسم «التآخي المسيحي الإسلامي»، ولكن من حيث المبدأ والعمل على أسس سليمة وأمانة، لا يمكن إنكار أن هذه المحاولات غير مثمرة، لأن الرياء والمجاملات يخالطها، فالتقارب الديني أو التحاور من أجل المشتركات لن تتم ما دامت تحمل الرسائل التكفيرية والرافضة للآخر، وهي واردة بالأديان جميعا وفق الفهم الإنساني الفردي، ومؤتمرات حوارات الأديان فشلت وستظل تفشل لأنها تشتغل على بعض «التنازلات» لإرضاء الآخر، وهي ما سيرفضه البعض، وسيفهم خطأ أو يتم تحويره والعداء من خلاله.
ما نحتاج إليه هو «حرية الأديان» واحترام اختيار الإنسان وتعزيز الأخلاق والقيم والمحبة، والتعامل مع الآخر بحسب أخلاقه لا بفكرة مسبقة عنه.

شيوخ الدين يؤيدون السلام
• ما الجهود التي بذلتموها من أجل هذا المسعى؟
قمنا بمبادرات عدة أهمها مقابلة شيخ الأزهر الراحل د.محمد سيد طنطاوي والشيخ فوزي الزفزاف، رئيس لجنة الحوار بين الأديان السابق، وقاما بالتوقيع على وثيقتنا بتأييدها، ومن قوله في صحيفة الأهرام: «لا إكراه في الدين، والاختلافات يجب أن تكون سبب تعاون لا كراهية»، وكان رائعا، وبعد وفاته توقف العمل في تفعيل أمر الوثيقة والعمل في بنودها.
كما قابلنا مفتي الجمهورية السورية الشيخ أحمد بدر الدين حسون وكان فعلا مثالا لاحترام الأديان، والدليل أن مساعده الخاص مسيحي وهو قس نصر الله، وأجرينا لقاءات أخرى في المغرب في جامعة الملك الحسن، وأقمنا 3 أسابيع حافلة باللقاءات والمقابلات، وفي البحرين كذلك في جامعة البحرين، ومن خلال الصحف مع الناشطة غادة جمشيد المتميزة جدا في حوارها، ومع الإعلامي تركي الدخيل في دبي، والواقع ما نحاول الاتصال به هي الجهات الدينية ولكنها ليست سهلة، ولذلك نحاول إيصال رسالتنا عن طريق الإعلام لأنه يخاطب الناس، وهو العالم الفعال خاصة مع التكنولوجيا ومواقع الاتصال.
• ما هي تصوراتك لمدى وصول هذه الرسالة في ظل نتائج الثورات التي أفرزت الاكتساح لبعض التيارات المتشددة؟
أي حكم مقبول ومأمول فيه بالخير مادام في ظل الحرية الدينية، وأي ديمقراطية دون حرية دينية لا تنجح، والناس يعرفون أن التشدد الديني لا يعطي النتائج المرجوة على المستوى المدني، وأنا متفائل بالوجوه الظاهرة لأنها لن تتبنى الوتيرة المعروفة للعمل السياسي المتشدد، بل ستدرك حاجات الشعوب التي أوصلتها إلى مراكز القيادة.

ضد العنف.. من أجل الإنسان
• كيف يمكن تصوير «الحرية الدينية» بإيجاز؟
أن يكون للإنسان الحرية الكاملة في إيمانه الخاص، وليست حرية الاعتقاد فقط بل ممارستها علنا والحديث عنها والمناظرة فيها والدفاع عنها فردا أو جماعة، وهذا ما يأتي بالإنسان السوي، فالتدين يتعلق بالعقل الباطن الداخلي، وإذا قيدنا العقل الداخلي فلن يعمل العقل الظاهري، بل سيكون مشوشا، ومن ناحية سيكولوجية كبت الضمير، والمعتقد الداخلي لن يأتي بفرد سوي السلوك والفعل وينتج إنسانا هشا منعزلا.
وما دامت الأديان تنادي للأخلاق الكريمة والقيم العليا وضد العنف وتحافظ على إنسانية الإنسان بعيدا عن الترهيب والتخويف، فلم لا تتحاب سويا؟
• ألا ترى أن «الثورات الأخيرة» هي رغبة المجتمع وتضمنت بعض العنف لتحقيقها؟
لا أرى الثورات والعنف خلاصا لنقل المجتمع من حال إلى آخر، فهي ليست السبيل الوحيد، المشكلة أن الناس يتوقعون أن النظام يغير الشعب، وهذا خطأ، فالأنظمة لا تصلح الشعوب بل على الشعوب إصلاح نفسها، وطالما بقي منقسما على نفسه بالعرقيات والطائفية والعنصرية المقيتة تجاه الطوائف المختلفة فلن يصلح الوضع!
وأصورها بكوني رب أسرة في رحلة بسيارتي مع أبنائي، كلما كانوا منسجمين ومتحابين كانت الرحلة جميلة، وتصارعهم واختلافهم سيدفعني إلى التوقف وإنهاء الرحلة بمزيد من محاولات السيطرة!
والفساد ليس في الأنظمة بقدر ما هي إفرازات لثقافة الشعوب، وكما يقول المثل الإنجليزي: we loose the tree from the forest وجودنا في غابة يقضي على النبت والشجر! فإن صلح الأفراد صارت الغابة بستانا مزهرا.
رسائل السلام ومحاورة الناس بداية للإصلاح علينا شق الطريق لا تعبيده، ودوما أكرر للناس: إن لم يكن هذا هو الوقت المناسب، فمتى؟ وإن لم نكن نحن، فمن؟ علينا أن نضيء شمعة خيرا من لعن الظلام، وإيصال رسالة السلام والمحبة للعالم جميعا.

تعليقات

المشاركات الشائعة