الأطفال يزيّنون لوحة العالم..
| ||||
يرسمون الحكايات في روسيا.. ويكتبون أحلامهم في هولندا
الأطفال يزيّنون لوحة العالم.. أفراح الهندال «أن تطلب من طفل كتابة حلمه ستحيله للسري من حياته».. «سيلجأ لركن هادئ ويدون القصيدة».. هذا ما دونه الشاعر عبدالرحمن الماجدي إثر تجربة مع الأطفال، التي تقفز في سماء لا يحدها سقف ولا ترهقها جاذبية أرضية! والحرية في التربية كانت فكرة ضائعة، أو حلما عابرا، أو مزيجا من المثالية والتفذلك قبل جان جاك روسو، لكن روسو جعل الحرية محوره واهتمامه.. ومنطلقه وخلاصه لتأسيس فلسفة تربوية تحتفي بالطبيعة وتحاكي عفويتها.. ومن الحرية انطلقت تجارب متميزة، منها اثنتان في روسيا وهولندا، واللتان نلقي الضوء عليهما هنا.. تقام بشكل دوري في متحف بوشكين للفنون الجميلة بموسكو مجموعة معارض صور تحمل عنوان «الأطفال يرسمون الحكايات»، ويضم المعرض لوحات أبدعها الأطفال وذلك بعد قراءة حكايات شعبية. ومنذ تأسيس متحف بوشكين الحكومي للفنون الجميلة مطلع القرن العشرين، كانت ولا تزال موضوعات العائلة وتربية الأطفال والشباب من بين أولوياته، وما زالت هذه التقاليد الممتعة والمفيدة مستمرة حتى أيامنا الراهنة، كما تشير «روسيا اليوم». شفافية الحس واللون ومن بين المشروعات التي ينظمها المتحف ورشة مركز التربية الجمالية، فقصص من مثل سندريلا والأرانب والثعلب والحكايات الشعبية المغرقة في الخيال أو الآتية من بساتين الأرياف ليست عابرة في أذهان الأطفال، يرصدها المركز محتضنا تفتح أفكار أكثر من عشرة آلاف طفل من مختلف بقاع العالم ليستفز الخيال ويرصد ابتكاراتها، بجو فريد من الحرية وإتاحة الإبداع. انطلقت التجربة بداية من بكين وانتشرت عبر بقاع العالم برعاية المركز، وعبر الألوان المائية التي تتناغم مع رهافة حسهم وسعة الدهشة، تشكلت لوحاتهم، وتعزيزا لقيمة «الحكمة» في التراث الشعبي العالمي، حرص المنظمون على إقامة الفعالية باستمرار، بيوت وألبسة ووجوه وبيئة منتقاة التفاصيل لم ترتكز على البيئة المحيطة بقدر ما أثثتها المخيلة الحرة. الأحلام القصائد أما التجربة الثانية فهي للشاعر العراقي عبدالرحمن الماجدي، من خلال كتابه «ليس كل الأحلام قصائد» والتي جمع فيها قلوب الأطفال نابضة وهدهد أفكارهم ليدونوا أحلامهم قصائد شعرية! صدر الكتاب بمقدمته: «أن تطلب من طفل كتابة حلمه ستحيله للسري من حياته وستحرضه على اقتناص ما يعلق في ذاكرته من حياة النوم لديه حيث تعكس ما يتشكل في لاشعوره من خبرات حديثة تبدو في الأغلب حياة سريالية. إذن سيلجأ لركن هادئ ويدون القصيدة.. فكل أحلام الأطفال قصائد و «كل قصيدة طفل هي حلم يأمله الكبار». ويكمل التمهيد لعرض التجربة: «سيكتب سيناريو حلمه، باعتباره مؤلف ومخرج الحلم وتواجده فيه أشبه بتمثيل المخرج في الفيلم. ستظهر حقيقة حياته بعيدا عن أي رقابة كتلك الموجودة في أحلام الكبار وتتلاشى -كلما صغر الأنا الأعلى للحالم- فيخرج الحلم، أحيانا محورا، عن قصده تهربا من الرقابة على المصنفات الحلمية. فأحلام الأطفال هي الأكثر حرية وصدقا وبساطة لانعدام الأنا الأعلى لديهم أو هو في بداياته التكوينية. وأن تطلب من طفل كتابة حلمه ستساهم في معرفة ما يهواه الطفل أو ما يمكن أن يبدع فيه مستقبلا من خلال سرده للحلم أو كتابته. وربما تكون الكتابة خارج إطار المدرسة ووظائفها عتبة أولى لخلق شاعر أو قاص مقبل». صدفة مباغتة ومن «صدفة حنونة» لقراءة كتاب «أحلام» Dromen» باللغة الهولندية العام 2003، أغرت المطالعة الماجدي لترجمته وتقديمه للقارئ العربي، فترجم عشر قصائد من الكتاب نشرها في مجموعة من المواقع الإلكترونية والورقية، ومن 2006 ازداد حماسه لإخراجها كتابا، فترجم سبعين قصيدة في كتاب «أحلام» صدر عن مؤسسة «اليوم العالمي من أجل الأطفال والشعر» في هولندا المدعومة من «اليونيسيف». لجنة تحكيم حنونة وللكتاب قصة، يقول الماجدي: طلبت تلك المؤسسة من الأطفال من سن السادسة حتى سن الثانية عشرة كتابة قصائد من أحلامهم وإرسالها للمؤسسة عبر المدارس أو المكتبات العامة أو الأهل ليتم عرضها على لجنة تحكيم مكونة من أدباء ونقاد ومربين قرأوا القصائد بإمعان وجد نحو عشرة آلاف قصيدة فاختاروا منها 150 قصيدة طبعت جميعا في كتاب خاص يحتوي على القصائد الفائزة بالجوائز الثلاث لكل فئة عمرية مع القصائد الأخرى المنوه عنها من قبل لجنة التحكيم». وعن آلية العمل أشار: «تم استبعاد القصائد المكتوبة بطريقة الوزن أو القافية أو بكلا النمطين الدالين على النظم المفتعل وهو ما لا يصدق على فن الشعر». قصيدة ولوحة «في قصائد أحلام الأطفال ستستوقفك قصيدة أنانية لطفل لا يريد إن ينزل الحلم إلا عليه وأخرى بصرية لا تكتمل صورتها إلا بالرسمة التي خطتها أنامل الطفل الشاعر نفسه»، شفافية مطلقة دونها الماجدي عن تجربة الكتاب، ترهقها براءة الأطفال التي وصفها: «ثمة قصائد خاصة بالمكان الذي يسكن فيه الطفل قد تكون نكتة لمن لا يعرف سبب النص الطفولي البريء وحلم آخر يبكيك من كثافة الحزن فيه. وقد حافظت جاهدا على تقديم ترجمة اقرب للنصوص الأصلية حتى وان بدا بعضها -من الأصل- يبتعد عن البلاغة الشعرية فنحن في عالم حلمي وشعري وطفولي لا بلاغي صرف». |
تعليقات
إرسال تعليق