حوار مع الباحث د.علي الديري: أنا خارج طائفتي..
علي الديري متحدثاً بعد إعلان فوزه بجائزة التميز 2008 عن «طوق الخطاب»:
أنا خارج طائفتي.. والخروج على «الأطواق» هو الرابط بين كتبي
أنا خارج طائفتي.. والخروج على «الأطواق» هو الرابط بين كتبي
ما الذي يجعل ناقد مختص بتحليل الخطاب، مثل علي الديري، يذهب في كتابه الأخير ‘’طوق الخطاب’’، إلى دراسة رجل شريعة، مختص بعلم أصول الفقه، مثل ابن حزم؟ كيف بدأت العلاقة بينهما؟ وكيف نشأت؟ وكيف تطورت؟ وكيف أمكن للديري المناكف دفاعاً عن تشعيب الأنفاس وتعدداتها وتنوعاتها، أن يتذوق جماليات خطاب ابن حزم بحدته وحقيقته وبحسمها ويقينياتها؟ كيف يمكن لمزاج ابن حزم الذي يقول إن ‘’النص يعطيك ما فيه’’، أن يكون مستمرءاً من قبل مزاج ناقد، يرى أن النص يعطيك ما فيك وما في أفق عصرك وسياقك وجماعتك وآلياتك التأويلية؟ كيف تذوق الأخير ظاهرية خطاب ابن حزم الأصولي، وهو القادم (سوسيولوجيا)، من تكوين عقائدي يحمل ابن حزم منه ومن مصادر معرفته موقفا سلبيا؟ وأخيراً كيف يفهم الديري شخصية صاحب طوق الحمامة الرحبة، من خلال شخصية صاحب (الإحكام في أصول الأحكام) الفقهية المتجهمة الحادة الأصولية؟ كان هذا بعض ما أخذنا إليه الحوار مع علي الديري. صاحب كتاب ‘’طوق الخطاب’’ الصادر في 2007 عن مركز شيخ إبراهيم للدراسات والبحوث.
؟ هذا سيجعلك تقع في دائرة أخرى، وهي دائرة النقمة من أهل مذهبك بتهمة الانتصار للمذهب الآخر؟
- أنا خارج طائفتي من الناحية المعرفية، والمثقف إذا لم يكن خارج طائفته لا يعول عليه، المثقف ليس ناطقا باسم طائفته، عليه أن يكون ملعوناً من طائفته، كما كان الأمر مع الفيلسوف اسبينوزا.
خارج الشحن العقائدي
دعيني أستكملُ لكِ الإجابة على سؤالك، أنا ذهبت لابن حزم وكنت أريد أن أرى إسهام علم أصول الفقه في مجال علم تحليل الخطاب، ولم أكن معنيًّا بهذه الهواجس كلها، وبالفعل وأنا أقرأ ابن حزم، لم تستوقفني جمله أو عباراته التي كان يظهر فيها موقفا مشنعاً من المذهب الشيعي، ومن مصادره المعرفية المعتمدة، حاولت أن أتفهم هذا الموقف في سياق عصره وفي سياق العلاقة بين الشرق والغرب وفي سياق الاحتدامات السياسية والصراعات المذهبية والجدل الكلامي، ولم تتحرك فيَّ بتاتًا نوازع الدفاع أو التصحيح أو التأثر بأن هذا ضد مذهب أنتمي إليه في مرحلة تكويني العقائدي، أو أنتمي إليه سوسيولوجيًّا حاليا. أنا وجدت نفسي خارج هذا الانتماء الديني الضيق، وإن كان هذا الخروج المعرفي لا يخرجك سوسيولوجيا، ولكنه لا بدّ أن يُخرجك على المستوى المعرفي، وهذا أقوله اليوم باعتزار، أن تستطيع أن تخرج عن تكويناتك الضيقة، وأن تذهب إلى الأشياء لتقرأها بتجرّد أكبر وبحقيقة أطلق (أي أكثر طلاقة) وبأفق أوسع. أقول هذا الكلام اليوم وأنا أعيش هذا الشحن الطائفي بشكل يثبت أن التاريخ انقطاعات وتراجعات وإنه لا يسير إلى الأمام دوما ولا يصل إلى نهايته.
دعيني أستكملُ لكِ الإجابة على سؤالك، أنا ذهبت لابن حزم وكنت أريد أن أرى إسهام علم أصول الفقه في مجال علم تحليل الخطاب، ولم أكن معنيًّا بهذه الهواجس كلها، وبالفعل وأنا أقرأ ابن حزم، لم تستوقفني جمله أو عباراته التي كان يظهر فيها موقفا مشنعاً من المذهب الشيعي، ومن مصادره المعرفية المعتمدة، حاولت أن أتفهم هذا الموقف في سياق عصره وفي سياق العلاقة بين الشرق والغرب وفي سياق الاحتدامات السياسية والصراعات المذهبية والجدل الكلامي، ولم تتحرك فيَّ بتاتًا نوازع الدفاع أو التصحيح أو التأثر بأن هذا ضد مذهب أنتمي إليه في مرحلة تكويني العقائدي، أو أنتمي إليه سوسيولوجيًّا حاليا. أنا وجدت نفسي خارج هذا الانتماء الديني الضيق، وإن كان هذا الخروج المعرفي لا يخرجك سوسيولوجيا، ولكنه لا بدّ أن يُخرجك على المستوى المعرفي، وهذا أقوله اليوم باعتزار، أن تستطيع أن تخرج عن تكويناتك الضيقة، وأن تذهب إلى الأشياء لتقرأها بتجرّد أكبر وبحقيقة أطلق (أي أكثر طلاقة) وبأفق أوسع. أقول هذا الكلام اليوم وأنا أعيش هذا الشحن الطائفي بشكل يثبت أن التاريخ انقطاعات وتراجعات وإنه لا يسير إلى الأمام دوما ولا يصل إلى نهايته.
سألني أحد الأشخاص بعد أن قدّمت محاضرتي حول هذا الكتاب في مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث: كيف يمكن أن يكتب شخص من قرية الدير الشيعية عن ابن حزم؟ فابتسمت له، وقلت له: أنا لم أذهب إليه بصفتي شيعياً، ذهبت إلى ابن حزم بصفتي محلّل خطاب، ومحلل الخطاب لا يحلل الخطاب من منظور مذهبي أو منظور ديني أو أي منظور ضيق، محلل الخطاب بقدر ما هو يُخضع تحليله لأدوات معرفية، فإنه يتحرر من هذه الأطر الضيقة التي تفرض عليه منظورات خاصة، كذلك جاءتني اعتراضات كثيرة كلها تصبّ في هذا المنحى، فأحدهم كتب لي: كيف تكتب عن هذا الناصبي؟!! إنه مصطلح مشحون بتاريخ الخلافات المذهبية، وإذا لم تخضع هذا المصطلح إلى تحليل نقدي وتاريخي، يجعلك على مسافة من الخطاب الذي يمثل بيئته العقائدية، فإنك لن تكون أكثر من مجادل عقائدي يهدر وقته في الانتصار لمذهب يعتقد أنه سينجيه يوم القيامة.
قواعد الإحكام
قواعد الإحكام
؟ طوق الخطاب يُشير إلى طوق الحمامة بينما الكتاب لا يتناول هذا المنحى ولا هذا الكتاب، فما الرابط بينهما؟
- موضوع طوق الخطاب ليس طوق الحمامة، موضوع طوق الخطاب هو كتاب ابن حزم في أصول الفقه وهو الإحكام في أصول الأحكام، هذا الكتاب يتكوّن من ألف صفحة تقريبا، موضوعه علم أصول الفقه، وما هو علم أصول الفقه؟ الأصول تعني قواعد أو قوانين، الفقه هو الفهم وأصول الفقه تعني قواعد الفهم أو قوانين الفهم، فهم ماذا؟ قواعد فهم الخطاب، الخطاب القرآني والخطاب النبويّ، فأصول الفقه هي أصول بمعنى قواعد وقوانين فهم خطاب القرآن وخطاب الحديث النبوي، منظورًا إلى الخطاب هنا بما هو مجموعة من الأوامر التي تحدد للإنسان ما يجبُ عليه وما لا يجوز له وما يستحب أن يقوم به وما هو مكروه، بمعنى أنه علم قواعد فعل الأمر الموجود في الخطاب، وهذا فعل الأمر يأتي تارة للمنع والنهي، وما بين النهي والأمر يأتي المستحب والمكروه، فكل هذه القواعد تحاول أن تقرأ هذا الفعل -فعل الأمر وفعل النهي - في مدوّنة كبيرة جدا هي القرآن والحديث.
- موضوع طوق الخطاب ليس طوق الحمامة، موضوع طوق الخطاب هو كتاب ابن حزم في أصول الفقه وهو الإحكام في أصول الأحكام، هذا الكتاب يتكوّن من ألف صفحة تقريبا، موضوعه علم أصول الفقه، وما هو علم أصول الفقه؟ الأصول تعني قواعد أو قوانين، الفقه هو الفهم وأصول الفقه تعني قواعد الفهم أو قوانين الفهم، فهم ماذا؟ قواعد فهم الخطاب، الخطاب القرآني والخطاب النبويّ، فأصول الفقه هي أصول بمعنى قواعد وقوانين فهم خطاب القرآن وخطاب الحديث النبوي، منظورًا إلى الخطاب هنا بما هو مجموعة من الأوامر التي تحدد للإنسان ما يجبُ عليه وما لا يجوز له وما يستحب أن يقوم به وما هو مكروه، بمعنى أنه علم قواعد فعل الأمر الموجود في الخطاب، وهذا فعل الأمر يأتي تارة للمنع والنهي، وما بين النهي والأمر يأتي المستحب والمكروه، فكل هذه القواعد تحاول أن تقرأ هذا الفعل -فعل الأمر وفعل النهي - في مدوّنة كبيرة جدا هي القرآن والحديث.
نحن هنا بحاجة إلى قواعد تبيّن لنا وتفسّر لنا صيغ الأمر لهذا الخطاب، فلذلك عنونت الكتاب بعدة عناوين قبل أن أستقر على العنوان الأخير، منها ‘’قوانين تفسير الخطاب’’ ‘’ قواعد تفسير الخطاب’’ ‘’قوانين الإحكام’’ ‘’ قواعد البيان’’ ‘’ أصول البيان’’؛ لأن الفقه عبارة عن بيان، فعندما تفقه الشيء تستبين ما فيه، أي تطلب بيانه، وأيضا ممكن أن نقول إنها أصول تفسير الخطاب، تسميات كثيرة ممكن أن تعبّر عن موضوع هذا العلم، لكنّي فضلتُ أن استعمل عنوان ‘’طوق الخطاب’’، فلماذا استعملت هذا العنوان؟
هناك سبب أوليّ يتعلق بطوق الحمامة، أردت أن ألعب على عنوان كتاب ابن حزم طوق الحمامة وأشتق منه وأفهم من خلاله عمله في علم الأصول، وهنا أريد أن استرجع حادثة وقعت لي في أوّل مرة وقعت فيها على كتاب ابن حزم في علم أصول الفقه (الإحكام في أصول الأحكام) وجدت أن لغته وموضوعه غريبان على صورة ابن حزم التي في مخيلتي. انتابتني لحظة شك، هل اسم ابن حزم المكتوب على هذا الكتاب هو نفسه ابن حزم صاحب كتاب (طوق الحمامة) الذي يتحدث عن الحبّ بلغة أدبية جميلة وبحرية ليست محكومة بقواعد الأمر والنهي.
بين طوقين
كنت أقارن شخصية صاحب طوق الحمامة الرحبة كما رسمتها مخيلتي، بشخصية صاحب (الإحكام في أصول الأحكام) التي بدت لي شخصية عالمية فقهية متجهمة وحادة وأصولية، رحت أراجع سيرة ابن حزم حتى تأكدت أن صاحب ذلك الكتاب (طوق الحمام) هو نفسه صاحب هذا الكتاب (الإحكام في أصول الأحكام)، ولكن بقي هذا التساؤل لدي من دون إجابة. ولم أسع للإجابة عليه؛ لأنه لم يكن ضمن حدود بحثي، كان حدود بحثي فقط هذا الكتاب بغض النظر عن ذاك الكتاب، فذاك الكتاب يخصّ الدراسات الأدبية أكثر، هذا الكتاب وجدته خاصا بالدراسات المتعلقة بدراسات تحليل الخطاب.
بعد انتهائي من الكتاب بفترة، حاولت أن أفهم معنى الطوق، الطوق هو علامة تدل على الجمال، وتدل على القدرة، وتدل على الطاقة. كيف يمنحك قدرة؟ لأنه يعطيك قوة ويجعلك متماسكا، فحين تطوّق شيئا تجعله متماسكا، فكأن طوق الحمامة يُماسك الناحية الجمالية لديها، فيعطيها الزينة، ويعطيها القدرة، لكنها تبقى مقيدة به.
هذه المعاني وجدتها أيضا حاضرة في كتاب الإحكام، ما هو الإحكام؟ الإحكام هو عبارة عن تقييد الشيء، فأقول أنا أحكمت الطوق، وحين تحكم الشيء تعطيه قوة، وأيضا في إحكامك تعطيه جمالا؛ لأنك تبرزه وتظهره بشكل ما، فكأنك أظهرت تماسكه، فوجدت أن قواعد ابن حزم لتحليل الخطاب أو أصول ابن حزم هي عبارة عن طوق للخطاب، بمعنى أنها تقيّد فهمك وقراءتك للخطاب، وفي الوقت نفسه هذا القيد يمنحك قدرة؛ لأنها مجموعة من الأدوات التي تعينك لقراءة الخطاب، وهي تمنحك قدرة بمعنى طاقة، والطوق من فعل الطاقة والطاقة هي عبارة عن قدرة، قدرة على قراءة الشيء أو على التمكّن من الشيء، وفي الوقت نفسه أرى أنها تمثل ناحية جمالية لجهد إنساني، وأي جهد إنساني نحن ننظر إليه من ناحية جميلة؛ لأن الجهد الإنساني جميل بالمعرفة التي ينتجها، فأنا سميت طوق الخطاب دراسة في ظاهرية ابن حزم وكنت أعني بذلك مجموعة الأدوات التي وضعتها الظاهرية لقراءة الخطاب، نظرت إلى هذه الأدوات على أنها تعينك وتمنحك قدرة قراءة الخطاب، وتقيّد قراءتك للخطاب وأيضا هي عنصر جمالي بما هي جهد إنساني. بعد ذلك عليّ أن أرجع إلى قواعد التفكيك التي هي أيضا جزء من ممارسة تحليل الخطاب، وقواعد التفكيك؛ لأن علم تحليل الخطاب ليس محصورا في منهجية معينة، ولا في أدوات معينة، هناك أدوات كثيرة في تحليل الخطاب، ومدارس كثيرة وعلوم كثيرة ومنهجيات كثيرة، فأنا أيضا أخرج على طوق ابن حزم لكي أقرأ طوقه، وفي قراءتي لطوق ابن حزم حاولت أن أفسر أيضا هذا الإحكام أو هذا الطوق في القراءة. لماذا كان ابن حزم يقيد قراءة النص بالدليل الذي لا يسمح إلا لحقيقة واحدة أن تظهر؟
مقاربة مختلفة
؟ قمتَ بتقديم كتابك في مركز الشيخ إبراهيم للدراسات والبحوث، لماذا لم تقدم كتابك في كلية الشريعة أو مكان ينتمي للشريعة باعتبار دراستك تعني المعنيين بدارسي أصول الفقه، وهل تعتقد أنهم مهتمون بالاطلاع على هذا الكتاب؟
- أنا أتمنى أنهم غير مهتمين وأتمنى أن لا يُفهم كتابي أنه متعلق بعلم الشريعة بتاتا، هو ليس كتابا في الشريعة.
كان في محاضرتي أستاذ جامعي عراقي قضى أكثر من ثلاثين عاما في كلية الشريعة، ويدرّس المناهج الفقهية فيها، قدّم مداخلة أشاد فيها بمحاضرتي، وقال إن هناك الكثير من الأمور التي لا يتفق فيها معي، ولكنه قال إنه يحترم وجهة نظري وأفقي في دراسة ابن حزم.
كنت حريصا أن أبيّن أن مقاربتي لابن حزم مختلفة عن مقاربة علماء الشريعة لهذا الموضوع، هم يذهبون إليه كصاحب مذهب، وأنا أذهب إليه كصاحب طوق، أنا أذهب إليه كعالم لديه مجموعة من الأدوات منبثقة من أفق نظري في قراءة الخطاب، فلست أراه صاحب مذهب في مقابل مذاهب أخرى، أنا معني بإبراز منظومته المعرفية في قراءة هذا الخطاب، لذلك كنت أتحدث عن خلفيته المعرفية والفلسفية والمنطقية وكنت أتكلم عن فهمه، وأحاول أن أعرف في منظومته ما هو الفهم وما هي المعرفة وما هي اللغة وما هو الخطاب وما هو العقل وما هو الدليل. الإجابة عن هذه الأسئلة تحدد لي الأفق المعرفي الذي يشتغل من خلاله ابن حزم، لذلك أنا لست معنيا بالقراءة الشرعية وصحتها.
؟ هناك من يذهب إلى أن علم أصول الفقه هو علم خاص برجال الدين والحوزات.. وبالتالي فأنت لست سوى متطفل لا تفقه فيه ولا تفهم. ما رأيك؟
- كما قلت لكِ فحسب تفسير (بروديو) للحقل، كل تخصص يحتكره أصحابه، وحين يدخل شخص من خارج الحقل أو تدخل نظرية جديدة أو مفهوم جديد إلى الحقل، يُستفزّ بعض المشتغلين في الحقل، فيبدأون يدافعون عن أعرافهم وبعضهم يستوعب الجديد ويكيف آليته وفقه، وأنا أتفهم هذا البعد، لذلك أقرأ الاعتراضات التي أبداها البعض، في هذا السياق، وقد لاحظت أن بعض آلية الدفاع عن الحقل تقوم على آلية التجهيل، وذلك بأن يحاول أن يُجهّل معرفتك أو يحاول أن يبحث عن أخطائك ويقلل من فهمك لهذا العلم، ليُسقط مقاربتك بهذه الطريقة، وهذه مسألة صارت معروفة، فعوضا أن أُستفزّ من خلالها أو أردّ عليها، أحاول أن أفهمها.
فخ الطوق
؟ إذن أنت أوقعت الكثير في الفخّ، هناك من أخذ الطوق إشارة إلى طوق الحمامة، وهناك من أخذ ابن حزم وكتاب الإحكام إشارة إلى الشريعة والفقه. فهل تعتقد أنه موجه لدارسي علم الخطاب؟- الكتاب فعلا يُوقع في هذه الالتباسات والأفخاخ، وكلما كثرت أفخاخ الكتاب، فتح شيئا جديداً، أو لنقل أنه ينقل الجدل إلى منطقة جديدة، وبالفعل حدث ذلك، وأنا بالدرجة الأولى أقول هو يقع ضمن تخصص تحليل الخطاب، ولكن هذا التخصص مفتوح على كلّ التخصصات، الإنثربولوجيا وعلم الكلام والفقه والمنطق والفلسفة واللغة وعلوم الذهن. ولأنه مفتوح على تخصصات معرفية متنوعة، فهو تشكيلة من العلوم، بل هو يدفعك إلى أن تنفتح على العلوم المختلفة وأن تبحث عن تواشجاتها واتصالاتها وحواراتها الداخلية، وترى كيف أن إعطاء معنى للنص هو محصلة التقاء علوم كثيرة وحوارات داخلية ثرية بين علوم كثيرة.
كان ابن حزم يعتقد أن دليله وحده قادر على أن يعطي معنى النص، وأن علم الأصول وحده قادر على أن يعطينا معنى الخطاب، ومع انفتاحنا على مختلف العلوم، سنكتشف أن كل علم يعطينا شيئا من معنى الخطاب. وليس هناك تخصص يحتكر حقل المعنى.
كان ابن حزم يعتقد أن دليله وحده قادر على أن يعطي معنى النص، وأن علم الأصول وحده قادر على أن يعطينا معنى الخطاب، ومع انفتاحنا على مختلف العلوم، سنكتشف أن كل علم يعطينا شيئا من معنى الخطاب. وليس هناك تخصص يحتكر حقل المعنى.
؟ ما الرابط بين الكتب الثلاثة التي أصدرتها؟
- أنا أجد هناك روابط كثيرة، كتابي الأول ‘’ التربية ومؤسسات البرمجة الرمزية، كيف تُنتج المؤسسة الذات’’ كنتُ معنيّا فيه بطوق الثقافة بما هي فعل تربية، لأقول التربية بمعناها الأوسع، التربية بما هي صناعة فرد وإقناع ووجهات نظر ومجموعة من القيم المعدة لتطويق الإنسان، التربية بهذه المعاني أجدها طوقا، هي خطاب يطوّق فهمك، ويطوّق فكرك ويطوّق ذاتك، ويطوّق كل ما فيك في إطار معيّن.
كتابي الثاني في الحقيقة هو (طوق الخطاب) الصادر في ,2007 وكتاب الثالث هو (مجازات بها نرى) الصادر في 2006 وهو يحاول أن يقارب المجازات والاستعارات والتشبيهات، بما هي طوق للحقيقة، فالمجاز يطوّق الحقائق ويجعلها تبدو جميلة ومقنعة ومحكمة ولديها القدرة على الإقناع والتنوير والرؤيا، فالمجازات والاستعارات هي أدوات للإقناع وأدوات للرؤيا وأدوات للفهم وأدوات لصناعة القناعة وتشكيل العقل، وهي أدوات كل خطاب، لذلك فالخطاب هو حقل من المجازات.
وهذا الكتاب هو أيضا يرى أن علم أصول الفقه أداة، أي هو طوق يطوق الحقيقة ويطوّق المعرفة ويطوق التأويل والنص. بل يطوّق فهم الإنسان والجماعة وفهم عصر من العصور، فالكتب ثلاثتها ممكن أن نقاربها بما هي طوق على الحقيقة، وطوق على الإنسان وطوق على العقل، فكيف يستطيع الإنسان أن يفهم أطواقه المختلفة في أشكاله المختلفة.
- أنا أجد هناك روابط كثيرة، كتابي الأول ‘’ التربية ومؤسسات البرمجة الرمزية، كيف تُنتج المؤسسة الذات’’ كنتُ معنيّا فيه بطوق الثقافة بما هي فعل تربية، لأقول التربية بمعناها الأوسع، التربية بما هي صناعة فرد وإقناع ووجهات نظر ومجموعة من القيم المعدة لتطويق الإنسان، التربية بهذه المعاني أجدها طوقا، هي خطاب يطوّق فهمك، ويطوّق فكرك ويطوّق ذاتك، ويطوّق كل ما فيك في إطار معيّن.
كتابي الثاني في الحقيقة هو (طوق الخطاب) الصادر في ,2007 وكتاب الثالث هو (مجازات بها نرى) الصادر في 2006 وهو يحاول أن يقارب المجازات والاستعارات والتشبيهات، بما هي طوق للحقيقة، فالمجاز يطوّق الحقائق ويجعلها تبدو جميلة ومقنعة ومحكمة ولديها القدرة على الإقناع والتنوير والرؤيا، فالمجازات والاستعارات هي أدوات للإقناع وأدوات للرؤيا وأدوات للفهم وأدوات لصناعة القناعة وتشكيل العقل، وهي أدوات كل خطاب، لذلك فالخطاب هو حقل من المجازات.
وهذا الكتاب هو أيضا يرى أن علم أصول الفقه أداة، أي هو طوق يطوق الحقيقة ويطوّق المعرفة ويطوق التأويل والنص. بل يطوّق فهم الإنسان والجماعة وفهم عصر من العصور، فالكتب ثلاثتها ممكن أن نقاربها بما هي طوق على الحقيقة، وطوق على الإنسان وطوق على العقل، فكيف يستطيع الإنسان أن يفهم أطواقه المختلفة في أشكاله المختلفة.
أوان - 4 سبتمبر 2008
تعليقات
إرسال تعليق