التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«رابطة الأدباء الكويتيين».. بين التسويق الثقافي والمنطق التجاري!


الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي ود. عادل العبدالمغني في أحد معارض كتب الرابطة (قاسم سامي)
الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين طلال الرميضي ود. عادل العبدالمغني في أحد معارض كتب الرابطة (قاسم سامي)
استياء بعض الأعضاء من التوجه المادي في «الفعاليات والنشر»

«رابطة الأدباء الكويتيين».. بين التسويق الثقافي والمنطق التجاري!

أفراح الهندال

إطلالة واحدة على مراسلات رابطة الأدباء الكويتيين وأعضائها تكشف حجم الفجوة؛ الملاحظات تحاول توضيح مواضع الخلل وردود المسؤولين تهدئ الوضع لتبسيط الأمور، ولكن الانزعاج مازال كبيرا من قضية «الرسوم» التي اكتسحت الرابطة، سواء «لتأجير قاعتها» أو «للإعلان عن النتاج الأدبي» ضمن المطبوعات، ولاقتصارها على «أعضاء رابطة الأدباء الكويتيين» بشكل خاص بعيدا عن الكتاب والأدباء الذين لم يهتموا بالعضوية لتسجيلهم «أدباء»..!
«الكويتية» توصلت إلى رسائل الأعضاء المتبادلة مع الأمين العام لرابطة الأدباء الحالي طلال الرميضي، وحاورتهم هاتفيا للتأكد من تصريحاتهم ونشرها، وجاء توضيح الرميضي في الختام، ولكن المسألة لم تنته بعد؛ الهوة شاسعة بين معنى «صناعة الثقافة» و»المنطق التجاري» في «التسويق للثقافة» ونشر الوعي بين المجتمع بأهميتها، ويمكن للقارئ تحديد ملامحها!
استعدادا للمشاركة في المعرض الدولي للكتاب الذي تنطلق فعالياته في 20 من الشهر الجاري في الكويت؛ أعلنت رابطة الأدباء الكويتيين من خلال البريد الذي وصل إلى أعضائها منتصف الشهر الماضي باسم الأمين العام للرابطة طلال الرميضي، ودار حول نية طباعة «دليل مطبوعات رابطة الأدباء الكويتيين»، وتضمن الآتي: «كتيبا تعريفيا سيطبع منه خمسة آلاف نسخة، وسيتم توزيعه بالمجان في معارض الكتب وعلى المؤسسات الثقافية والإعلامية داخل وخارج دولة الكويت، ويضم عناوين وأغلفة مطبوعات الرابطة وأعضائها، ويمكن المشاركة في الإعلان عن الأعمال الأدبية برسوم الاشتراك: 50 د.ك لصفحة كاملة، 30 د.ك لنصف صفحة».
 استاء بعض الأعضاء من مسألة الرسوم بعرضها التقديري المقرون بحجم الإعلان، وبتسطيح غايته إلى مسألة الراغب في المشاركة وتسويق مطبوعاته، فرابطة الأدباء ليست «مطبعة» تعلن عن آخر العروض، وليست «سوقا» تستحدث وسائل الإعلان بحسب رغبة «الزبائن» بـ»تسعيرة» كما وصفت الكاتبة سعداء الدعاس، أو «كتالوج أثاث» بوصف الكاتبة باسمة العنزي، وهما عضوتان في رابطة الأدباء، ولهما نتاج قصصي وروائي وصحافي في الساحة الثقافية.
أهمية بحسب التسعيرة!
البداية مع رسالة سعداء الدعاس التي طرحت الموضوع للتداول والانتباه؛ وكتبت: «تلقيت -مثل بقية الأعضاء- الإيميل الخاص بالمشاركة ضمن دليل مطبوعات الرابطة، نظير مبلغ معين! ورغم تقديري الشديد لرغبتكم الصادقة في تحقيق أكبر قدر من الانتشار لمنجز الأعضاء، في معرض الكتاب، إلا أنني أسجل اعتراضي على آلية الاشتراك، التي تعمل على تصنيف الإصدارات حسب (تسعيرة)! الأمر الذي استغربته وأثار فيّ العديد من التساؤلات: كيف سيعرف المتلقي أن الإعلان عن هذا الكتاب أو ذاك قد دُفع له الحد الأعلى من التسعيرة، ليحتل صفحة كاملة من الدليل؟ في حين أن الإعلان عن كتاب آخر، ربما أكثر أهمية، احتل نصف صفحة فقط، لأن صاحبه قرر دفع الحد الأدنى من التسعيرة، لأي سبب كان..!؟
كيف سيعلم من يتصفح الدليل، أن الكتيب لا يعبر عن جميع الأعضاء، وأنه خاص بالكتاب الذين قرروا المشاركة فقط؟! وبالتالي.. هل هذا يعني أن كل من لم يشارك سيبدو في نظر المتلقي إما ليس من أعضاء الرابطة أو أن منجزه لا يستحق الإعلان! أم أنكم ستقومون بإضافة جملة على الغلاف توضح أن المشاركة خاضعة لتسعيرة معينة؟!
وهل تعد هذه الخطوة، إلى جانب خطوة (تأجير قاعة المسرح) التي اكتشفتها قبل أيام.. بداية لنهج جديد؟!
 أحبتي في رابطة الأدباء.. أدرك أنكم مقيدون بميزانية لا ترقى لطموحاتكم، وأقدر نواياكم الصادقة، لكني في المقابل، أثق بسعيكم الدائم للحفاظ على صورة الرابطة نقية، بعيدا عن أهداف (السوق) التي نتقبلها من دار نشر، مؤسسة خاصة، أو أفراد.. لا من جمعية نفع عام، غير ربحية.. مثل رابطة الأدباء التي نفخر بانتسابنا إليها.
لذا.. ورغم تقديري واحترامي لجميع الأعضاء، من اقترح فكرة الدليل، من شارك، أو سيشارك به، إلا أنني قررت الكتابة لكم، رغبة مني في تسجيل موقف (خاص) آمل من خلاله أن تراجعوا أنفسكم.. حفاظا على كيان ثقافي ظل لسنوات يقاوم في زمن التصدع..!».
قارئ.. الأغلفة! 
القاصة والكاتبة باسمة العنزي أيدت في ردها ما طرحته الدعاس، مستنكرة طرح الإصدارات الثقافية بسطحية «العروض الإعلانية» وذكرت في رسالتها: من ملاحظاتي؛ قلة من يهتمون بتصفح دليل الإصدارات الموزع «مجانا» من دور النشر التجارية والشبيه بـ»كتالوج الأثاث»، عادة ما يتوجه الناس إلى الجناح في المعرض حسب سمعة الدار وشهرتها، وجناح «الرابطة» غني عن التعريف ومشهود له بالنجاح خلال السنوات السابقة، بالنسبة لي أعتذر عن المشاركة في الدليل، وأقترح أن يتم إعداد قائمة بأسماء الكتب توجد كملصق قرب جناح الرابطة، ويتم تداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فكما هو معروف الشخص الذي لديه 4 أو 5 كتب لن يعول على إعجاب القارئ بصورة غلافه ومساحة إعلانه!.
لم تؤجر «الرابطة» مسرحها من قبل!
وانطلاقا من مسألة «مطبوع» الرابطة التجاري وتأجير المسرح؛ أكد الأمين العام الأسبق لرابطة الأدباء والأستاذ في المعهد العالي للفنون المسرحية د.خالد رمضان، أهمية ما طرحتاه من موضوع، مضيفا إليه المسائل المادية الأخرى، إذ شكر الأمين العام الحالي طلال الرميضي بشكل مباشر قائلا: «يطيب لي أن أثني على جهودكم واجتهاداتكم في إدارة شؤون الرابطة متطوعين نيابة عن الكافة (...)، وأود باعتباري أحد أعضاء الجمعية العمومية إبداء بعض الملاحظات الخاصة بعمل الرابطة: أولا أتفق مع ما ذهبت إليه الزميلتان سعداء الدعاس وباسمة العنزي، بشأن عدم جدوى طباعة دليل لكتب بعض الزملاء، اختياريا نظير مقابل مادي، لأن هذا الدليل لن يعكس حتما الواقع الحقيقي لنتاجات الزملاء ومستواها».
وأكمل د.رمضان رسالته بلفت الانتباه إلى سياسة «التأجير» المستحدثة في الرابطة، موضحا أنها سابقة لم تحصل من قبل؛ «الرابطة لم تكن «تعير» مسرحها لجهات خارجية، إنما كانت تطلب «استضافة» بعض الأنشطة الثقافية والفنية و»تتعاون» مع بعض الجهات في إقامة أنشطة مشتركة، و»دون مقابل مادي»، انسجاما مع أهداف الرابطة التي نظمتها اللائحة الداخلية، وانسجاما مع قانون جمعيات النفع (24) الذي حظر على جمعيات النفع العام ممارسة العمل التجاري، ولا يخفى عليكم ما يمكن أن يؤدي إليه تأجير مسرح الرابطة إلى جهات أخرى من إشكالات قد تحدث نتيجة لتقديم أنشطة أو تسجيل مواقف تتعارض مع مبادئ الرابطة وأهدافها».
كما طرح د.رمضان ملاحظة إضافية حول «اللوحات الإعلانية» وأهمية «الصورة» التي تنعكس عن الرابطة للزائرين، لتنتقى «الإعلانات المهمة وتوضع بشكل لائق، لا أن تترك لمن يشاء وضع «ما يشاء» وبشكل «ارتجالي» لا يتناسب مع مكانة الرابطة»، ومن باب التنبيه أشار إلى أن الرابطة «ستحاسب أمام الجهات الرسمية على كل ما يقدم على مسرحها».
من أجل «مدخول» الرابطة
الأمين العام لرابطة الأدباء الكويتيين الحالي طلال الرميضي، رد على ما طرحه الأعضاء السابقون من خلال رسالة شخصية مباشرة للقاصة سعداء الدعاس، وبتعقيب في حوار أجرته «الكويتية» معه باتصال هاتفي، مؤكدا نيته الاتصال بالزملاء لتوضيح «اللبس»، مشيرا إلى أن «الدعوة للمشاركة في الكتيب المزمع إعداده ليست بصفة إلزامية، لكون فكرة الكتيب مجهزة لـ»إصدارات الرابطة» بالدرجة الأولى، ومن ثم مطبوعات السادة الزملاء»، مؤكدا أن «تسعيرة الرسوم لا تمت بصلة لتصنيف الأديب أو تقييمه»، ومبينا «إشكالية رواتب العاملين في رابطة الأدباء التي لا تكاد تكفيهم».
وقال الرميضي في اتصال هاتفي: هذه التسعيرة منخفضة بالمقارنة مع المطبوعات الإعلامية، وتكاد تكون بنصف السعر أو أقل، فقيمة الصفحة الواحدة تصل إلى 150 دينارا، بينما نتيحها للزملاء الراغبين بالإعلان عن مطبوعاتهم بمبلغ 50 دينارا لا غير، وأقل بحسب المساحة».
التأجير.. مقبول
وأكد الرميضي أن قرار طبع الكتب جاء بالإجماع بموافقة مجلس إدارة الرابطة، ومعني  بمطبوعاتها السابقة التي لا يعرف عنها الكثير من مثل سلسلة «تراثنا» ومطبوعات «الكويت عاصمة الثقافة العربية 2002»، والمطبوعات التي تناولت أدباء الكويت من قبل الرابطة وغيرها التي يعود عمر بعضها إلى أكثر من 30 عاما».
وحول عدد المشاركات التي يستوعبها الكتيب؛ قال الرميضي إن «تلك الإعلانات مخصصة لعرضها في هامش الكتاب، لا مادته الرئيسة، لذلك فهي «محدودة» وسينشر فيها بحسب «أولوية التقديم».
أما عن تأجير المسرح، فرد الرميضي أنه منذ العهود السابقة للإدارات المتعاقبة على الرابطة يتم استخدام المسرح من قبل جهات مختلفة، ولكن «تفعيل الرسوم» جاء مؤخرا قبل نحو سنة، للاستفادة منها بما يخدم «الرابطة»، وذلك معمول به في جمعية الاجتماعيين وجمعية المحامين وغيرها من جمعات النفع العام كافة»، -بحسب إفادته- داعيا الأعضاء إلى تقديم مشاركاتهم قبل نهاية موعد التقديم المحدد للمشاركة فيه بمعرض الكتاب المقبل.
للأدباء الأعضاء
وحول أهمية وجود كتيب تتولى رابطة الأدباء الكويتيين طباعته للتعريف بسير الأدباء والكتاب في الكويت، ليعد مرجعاً للمهتمين من الدراسين والباحثين في الكويت وخارجها، على أن يعد بشكل دقيق ومدروس وشامل؛ قال الرميضي إن الرابطة اتفقت مع الأديبة ليلى محمد صالح لإعداد جزء ثان من كتابها الأول «أدباء وأديبات الكويت أعضاء رابطة الأدباء»، بطبعة مزيدة ومنقحة وبمشاركة الباحثة أبرار ملك، ولكنها مقصورة على «أعضاء رابطة الأدباء الكويتيين»، وسينشر في وقت لاحق ضمن مطبوعات الرابطة.
 
 

من هو «الأديب» في رابطة الأدباء الكويتيين؟
رغم توضيح الأمين العام وتعاونه في التوضيح والتعقيب؛ يبقى سؤال «صناعة الثقافة» مطروحا بلا إجابة، وكذلك معنى «الأديب» الذي تقبل رابطة «الأدباء الكويتيين» نشر إبداعه والكتابة عنه ووصفه كمبدع يستحق الاحتفاء والتعريف والنشر «من قبلها»، من دون أوراق عضوية ورسوم للإعلان أو حتى.. «خبر وفاة» يذكر بالرحيل والخسارة لإسدال معلقات التأبين والاستذكار..!
تلك الصناعة المتضعضعة شبه المعدومة التي تهاوت بشكل فاضح بعد تعديل مسمى الرابطة، عبر مؤسسة أهلية حميمة أنشئت للأدباء «في الكويت»، إلى مبنى لـ «أعضاء رابطة الأدباء الكويتيين»، فالتغيير ليس مسمى فحسب وإنما هوية تعلن نفسها بشكل لا يقترن وروح الثقافة، التي تعتز بالإنسانية والانفتاح على الآخر، وتتلقف الإبداع بأشكاله حاضنة وداعمة لا متفضلة عليه بالمكان، والزمان، والرسوم «المخفضة» و.. اعتراف العضوية بإقليم الأدب الكويتي!

 

تعليقات

المشاركات الشائعة