التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أدباء سعوديون: ضد الغث.. و«التسمين» الثقافي!


انتقادات المثقفين تختتم مؤتمر الأدباء.. فهل تنتقل إلى «سوق عكاظ»؟

أدباء سعوديون: ضد الغث.. و«التسمين» الثقافي!


أفراح الهندال


 بدت الفعاليات التي اختارتها المملكة العربية السعودية لتقيمها هذا العام متنوعة إعلامياً، باذخة العطاء والدعوات والتمويل، انطلاقا من احتفالية «المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية 2013» التي جمعت بعض الفعاليات الثقافية الأخرى ضمن برنامجها؛ كـ «مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع» الذي اختتم أخيرا، ومرورا بالبرامج الثقافية في الجامعات والأندية الأدبية والمسارح، وبافتتاح الدورة السابعة لـ «سوق عكاظ» الذي تنطلق فعالياته اليوم بتجهيزات لأكثر من ألفي مدعو، وغيرها..
مقابل هذا الزخم التنظيمي المعلن؛ انتشرت عبر وسائل الإعلام المختلفة ومن ضمنها مواقع التواصل الاجتماعي في الإنترنت آراء نقدية عدة للمثقفين والكتاب، بدت على صفحات «فيسبوك» و»تويتر» والمدونات الشخصية إضافة إلى المقالات.
«الكويتية» حاورت بعض الأدباء ونقلت ما عبروا عنه في صفحاتهم الخاصة حول القيمة الحقيقية التي تحدثها تلك الفعاليات، ومدى جودتها، وصدقية مساعيها وأثرها..
تأثير لا يتجاوز الورق
القاص والشاعر عمر الرحيلي قال لـ»الكويتية»: «إن المعيار الذي نطرحه لنجاح أو تأثير ملتقى ثقافي ما؛ غير قابل للقياس والتحديد، فهو مرن ويحتمل التباين إلى أقصى الأطراف، لكنني أستطيع الجزم من خلال المشاهدة والرصد بأن تأثير هذه الملتقيات لا يتجاوز الصفحات التي تغطي أي حدث يومي لملء الخانة».
وأكمل واصفا جمود الحالة الثقافية رغم ظاهرها: «البذل في الناحية الثقافية موجود في الجهة الأخرى للأسف، كاهتمام الفنان بأدواته ثم توقفه عن العمل عليها! الأسماء لا تكاد تتغير في الملتقيات الثقافية عموماً، وبالتالي لا يتغير الطرح وإن تغيرت المحاور والموضوعات، الدوران حول الأدب السعودي والاحتفاء به منجزاً، والأجدى تحريره والاشتغال عليه من حيث السمة والمراوحة المكانية التي ظلت لصيقة به.
ولننظر إلى مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع الذي أقيم أخيراً، كانت الأوراق المقدمة معلّبة وجاهزة لأن تصاغ مانشيتات صحافية تشرح كل ما فيها ببنط عريض!
ولكن الذي لم يطرح أصلاً في أوراق المؤتمر هو الأديب نفسه، دعمه وضمان حياة كريمة له لا تجعله ينظر أخيراً لأوراقه كعدو أوصله إلى ما فيه.
هذا ليس كل شيء ولكن الحديث عن مؤتمر الأدباء من حيث الأسماء المكرورة المدعوة له، هو ذاته الحديث عن بقية الملتقيات الثقافية، وكأن الشرط اللازم والكافي هو حضور عدد معيّن ومشاركة المرأة. ولكن مشاركتها هي أيضاً لا تتجاوز الملتقى، وأي ملتقى ثقافي، طالما الشارع والمجتمع يفتقدها وهي تفتقده وتبقى تحت اشتراطات منظومة جمعية لا تعلم عن الحراك الثقافي ولا يصله تأثيره المفترض!».
تسمين للمثقفين!
أما الروائي عواض شاهر العصيمي فكتب في صفحته الخاصة: «من الجنادرية لمعرض الكتاب إلى مؤتمر الأدباء إلى سوق عكاظ إلخ... عندما أفكر في عدد المثقفين المدعوين إلى هذه الفعاليات ثم أتساءل عن العائد الثقافي لهذه الاستضافات الكبيرة، يخيل إليّ أن العملية لا تزيد عن مشاريع تسمين للمثقفين، والدنيا فانية»!
وأكمل في تعقيب على إحدى التعليقات: «في معظم الأحيان هذا هو ما يحدث؛ لفت نظري أن «سوق عكاظ» في دورته الحالية وجّه الدعوة لــ 2000 مثقف..، بمعدل 42 وجبة لكل شخص في أسبوعين، ما يساوي 84000 وجبة للجميع، ولو افترضنا أن كل مثقف يستهلك 2.5 كلغم في اليوم، أي 35 كلغم في 14 يوما، ستكون النتيجة الإجمالية 70000 كلغم لكافة المدعوين الألفين. تسمين على حساب الدولة. لكن أين المقابل الثقافي المفترض من هذا الحشد؟ هل المسألة مجرد تكثير عدد لأغراض دعائية تصل إلى الإعلام في شكل مهرجان ثقافي؟ في مؤتمر الأدباء الثالث كان المدعوون 1000 شخص، الآن سوق عكاظ يدعو 2000 شخص، ما هذا؟
وعن الأمسية الشعرية التي أقيمت اختتاما لـ»مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع» كتب: «46 شاعراً وشاعرة في ختامية المؤتمر، هذا أكبر عدد من الشعراء شارك في أمسية واحدة حتى الآن في العالم العربي وربما في العالم كله. ألا يستحق بعضهم أمسية مستقلة لتلطيف أجواء المؤتمر الملبدة بأوراق الأكاديميين والكتاب حد الجفاف؟».
أدباء خارج الزمان والمكان
وحول شرط الجنسية «السعودية» حصرا التي عبّرت عن هوية المؤتمر قال العصيمي: «هناك إشكال من وجهة نظري في مسألة أيهما أولى بالأخذ بالاعتبار في موضوع قبول المشاركة، شرط الجنسية أم المشروعية الأدبية؟»، «وبذلك أقول بوضوح: ماذا عن حقوق أدباء، معظمهم من الشباب، لم يتمكنوا من المشاركة في أي من المؤتمرات الأربعة، بل لم يدعوا رسمياً إلى أي فعالية ثقافية أو مهرجان ثقافي أقيم داخل المملكة، بسبب عدم حصولهم على الجنسية، على الرغم من أن بعضهم ولد ونشأ وتعلّم على هذا التراب، في حين قضى بعضهم الآخر شطراً كبيراً من حياته في السعودية ولا يعرف في وجدانه ولا في ذاكرته بلداً آخر عاش فيه كما عاش في هذا البلد؟ هؤلاء، ومنهم شعراء وكتّاب قصة ورواية، ومنهم أدباء يعملون في الصحافة، وهناك من لا عمل لديه إلا ما يمارسه من إبداع في حقله الأدبي، هؤلاء تمثّل لهم مشكلة عدم حصولهم على الهوية الرسمية عائقاً كبيراً أمام نيل حقوقهم في مجالات كثيرة ومهمة، لكني هنا أحصر المسألة في حقوق المشاركة الأدبية التي ترعاها المؤسسة الرسمية كمؤتمر الأدباء ومعرض الكتاب والفعاليات الأخرى التي لابد من الدعوة إليها من طريق المؤسسة الرسمية. إنهم يعيشون كأدباء خارج المكان والزمان الثقافيين على الصعيد المحلي. إنهم هنا، بيننا في الفضاء الأدبي والإنساني والاجتماعي الشخصي، غير أنهم مغيبون على مستوى الاهتمام المؤسساتي. إنها قضية إنسانية بقدر ما هي حقوقية وعلى المستوى نفسه هي قضية أدبية، فماذا قدمنا لهؤلاء المبدعين لمنحهم بعض ما يستحقون على هذه الأرض؟».
نسمع ضجيجاً ولا نرى حجيجاً
ومما كتب الشاعر زكي الصدير على جداريته: «قبل سنتين، بينما كنت مشاركاُ في مؤتمر الأدباء السعوديين الثاني أو الثالث بالرياض؛ سألني الصديق العزيز الصحافي في صحيفة الحياة عبدالله وافيه عن التوصيات التي أقترحها في ختام المؤتمر، فسحبت ورقة وقلماً، وكتبت: هيئة عامة مستقلة للثقافة، اتّحاد للكتاب السعوديين، وتوصيتين أخريين» وأكمل: «انتهى مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع ومازالت التوصيات كل عام نفس التوصيات! من دون أي بوادر للعمل على تطبيقها»، وكتب في مقال منفصل نشر في «الشرق» نقدا موجها إلى الأدباء والمثقفين أنفسهم ممن يتخلون عن مسؤولياتهم ويكتفون بالظهور الإعلامي: «ماذا نريد من المثقف سوى أن يكون قريباً من هموم الناس واحتياجاتهم ليتحوّل إلى مرايا تعكس ما يراه على شكل «رأي عام» يتكلّم عبره بلسانهم عن قضاياهم التي تقلقهم؟ يحاورهم، ويحاول من خلال «سلطته» الافتراضية أن يرصد بدقة مشكلاتهم ليقترح بعدها العلاج من دون أن تربكه المسمّيات، أو تصطنعه المؤتمرات، أو يشغله لون «البشت» المناسب لصيف المدينة!
لو أنّ مثقفينا وأدباءنا يتوقفون قليلاً عن الركض وراء الكاميرا، ويتخففون قليلاً من «الحنّة»، والتودّد، والتسوّل، والتوسّل للمسؤولين ليحصلوا على «دعوة» مدفوعة هنا، أو «تذكرة» مجانية هناك! لو أنهم يلتفتون إلى قضاياهم المصيرية والتنموية، ويتيقّظون إلى أن الثقافة ليست «برستيجاً»، وإنما مسؤولية! لو أنّ طاقتهم الكبيرة التي ينفقونها في التطبيل والركض والهرولة وراء المظاهر الفارغة، والدعوات الفارهة يحوّلونها لمجتمعهم لكنّا بخير، ولكان بإمكاننا أن نتحصّل على مهرجانات للناس، وليست لـ «البشوت» وللكاميرا وللميكرفون. ولخرجنا مع كل مهرجان بشجرة مثمرة، من دون توصيات مؤجلة لمؤتمرات قادمة. ذلك إن كنا - فعلاً - لا نريد أن «نسمع ضجيجاً ولا نرى حجيجاً»!
تغييب أدباء «المدينة» عن مؤتمرها!
«عفوا.. مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع لم يعقد في المدينة المنورة!»، بهذا السؤال صدرت الشاعرة نادية البوشي صفحتها؛ وكتبت مقالا يتضمن قراءتها الخاصة: «تساؤلات متناثرة في الصحف، وعتاب ولوم لأدباء المدينة: لم غابوا عن مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع المنعقد بينهم «مكانيا»!؟ فيما كان السؤال الصحيح الذي يجب طرحه هو: لِمَ لمْ يعبأ مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع بأدباء المدينة المنورة؟
ولأن الاحتجاج الصامت والغضب المكبوت والانزواء غير مجد في مثل هذا الموقف، آثرت إعادة العتاب باتجاه مصدره لعل لبسا يزول وشوائب غمت على رؤية المنظمين تنجلي: فبقدر ما سرني أن الجميع افتقدوا وشعروا بغياب أدباء المدينة عن المؤتمر، بقدر ما ساءني أن المنظمين له لم يخطر ببالهم مشاركة أدباء المدينة في مؤتمر أدباء يُعقد في المدينة!»، وحددت في مقالها مواضع الخلل التي تسببت بغياب أدباء المدينة عن المؤتمر من مثل: غياب أي ورقة عمل أو ندوة تتناول الأدب في المدينة ورواده الأوائل» فهل عجزوا عن إدراج محور يتقصى تفاعلات الأدب في المدينة منذ نشأته وتلاقحه مع الآداب الأخرى؟»، وعدم إشراك شعراء المدينة في الأمسيات الشعرية، وإلغاء مشاركة بعض الأسماء التي سبق وأعلن عنها في الصحف، واصفة ما حدث من استدراك دعوتهم على هامش المؤتمر بالأمسية التي «اختلطت فيها حرائر القوافي بإمائها!؟»، واستنكرت عدم توجيه دعوات إلى أعضاء النادي الأدبي في المدينة أسوة بغيره، واختتمت مقالها ببعض التوصيات وبعبارة: «أقولها بأسى وأسف: إن مؤتمر الأدباء السعوديين وقد انعقد في المدينة تجاهل أدباء المدينة!! فلم يكونوا ضمن أجندته إن سهوا وإن قصدا، لقد هُمّشوا في مؤتمرٍ خُيّل إليهم أنهم في بؤرة اهتماماته، فلما انكشف الغمام لم يكن ثمة إلا أوهام سحرت أعينهم!».
 

أكبر خيمة عربية.. 589 ممثلاً و80 حصاناً وبعيراً.. «لا تترك أثرا»
 • من التجهيزات التي أعلن عنها لإبراز احتفالية «سوق عكاظ» المقرر افتتاحه اليوم؛ إقامة خيمة المعارض الجديدة على مساحة 10 آلاف متر مربع، وتعد «أكبر خيمة في الشرق الأوسط»، وتجمع الكتب الإلكترونية وبراءات الاختراع والاكتشافات والابتكارات من قبل الجهات المشاركة.•  نفذت أمانة محافظة الطائف مشاريع بقيمة تتجاوز 36 مليون ريال لاستقبال زوار سوق عكاظ، وأعد مدرج للفنون الشعبية بسعة 2000 شخص ومشاريع في محيط السوق، بالإضافة إلى نحو 176 مليون ريال شملت أعمال الأشغال والبلدية وتحسينات البنى التحتية.
• تقام عروض الشعر العربي في المسارح المفتوحة، وعروض القوافل، إضافة إلى الحرف والصناعات اليدوية، المقتنيات الأثرية والتراثية، الرياضات التراثية، وما تقدمه الأسر المنتجة، أسواق المأكولات الشعبية وغيرها.. ودورات تدريبية للحرف اليدوية، وبرنامج «لا تترك أثرا» للاهتمام بالبيئة.
• يشارك في عروض القوافل والمواكب السيارة 589 ممثلا بينهم إداريون ومتطوعون، إضافة إلى 80 حصانا وبعيرا لتشكيل صورة القوافل القديمة.
• توقّع مسؤولون زيادة نسبة الإقبال على الفعاليات نسبة إلى تمديد «مدة إقامتها» وحجم التمويل المالي، إذ مددت فترة «سوق عكاظ» إلى أسبوعين كاملين، بعد أن كانت 10 أيام في السنوات الماضية، وبالاطلاع على عدد الزوار في الدورة السادسة الذي ارتفع بنسبة بلغت 44 بالمئة، وفق تقرير للهيئة العامة للسياحة والآثار، بإنفاق تجاوز 21 مليون ريال سعودي.
•  بالإضافة إلى إطلاق «مركز دراسات الشعر» و«كرسي الشعر العربي»؛ يحدد شاعر معاصر للمرة الأولى في تاريخ السوق إلى جوار الشاعر الرئيس للسوق، والذي يمثل العصر القديم «الأعشى الكبير»، وندوة كبرى عن الشاعر المعاصر حسين سرحان، وندوة «اللغة العربية في الصين» ويشارك فيها مستشرقون من الصين.

تعليقات

المشاركات الشائعة