اعترافات «غوانتانامو».. تهز المباني واللغة
| |||||||
عصف ذهني دفعهم إلى القراءة وكتابة الشعر في السجن
اعترافات «غوانتانامو».. تهز المباني واللغة
أفراح الهندال
* «هاري بوتر» و«لا تحزن» على قائمة القراءات.. وانكباب على «رواية مثيرة» * فرص بين التعذيب والتحقيق.. للعب الكرة والقراءة * كتب الجغرافيا والسفر والإعلانات المبوبة ممنوعة * دُوّنت القصائد على أكواب الفلين والحصى أولاً.. ثم نشرت في كتاب وكأن معتقلي غوانتانامو يسددون عقوبتهم بين النار والجنة! السجن سيئ السمعة أقصى جنوب شرق كوبا المعدم من قوانين حقوق الإنسان، والذي يمثل همجية هذا العصر في التعامل مع السجناء، يضم «مكتبة» بين قضبانه، تُحمل بعض الكتب في عربةٍ لتمرّ بزنازين بعضهم وينتقون منها ما يناسبهم ويرضي ذائقتهم، ويذكـّرهم رغم قتامة الحبس. ورغم التعتيم على ممارسات التعذيب والتعامل مع السجناء في غوانتانامو، تطل بين الحين والآخر بعض التقارير التي تصف تفاصيل دقيقة عن تكيفهم في السجن مع القراءة وكتابة الشعر ومراسلة الأهل. «هاري بوتر» و«لا تحزن» في عام 2010 نشرت صحيفة وورلد تايم عام 2010 تقريرا عن قراءات السجناء في معتقل غوانتانامو أشارت فيه إلى أثر القراءة والسفر بالخيال بعيدا عن واقع السجن، وكانت رواية «هاري بوتر» للكاتبة البريطانية ج. ك. رولنغ الأكثر طلبا، بثلاثيتها الأولى، إضافة إلى كتاب «لا تحزن» للشيخ عائض القرني ومجموعة من كتب الشعر، المدهش ذُكر أنها «تلبية لطلبات السجناء، التي تنفذ خلال 30 يوما من طلبها ومراجعتها لتوفيرها لهم». مكتبة «غوانتنامو» تغطي إصدارات المكتبة نحو 18 لغة منها: العربية، الفارسية، الأردية، الباشتو، الروسية، الفرنسية والإنجليزية، وكما هو معروف أن معتقل غوانتانامو أقيم سنة 2002 لسجن من يشتبه في كونهم «إرهابيين»، خاصة المتهمين بأحداث 11 سبتمبر 2001 في أميركا، واللغات السابقة تشكل لغتهم الأم أو اللغة الثانية لهم. استقصاء الكتب من الأماكن النائية ويحاول الضباط تلبية طلبات السجناء، وخاصة الكتب الشهيرة والمنتشرة، التي قد لا تتوفر باللغة العربية فيتم البحث عنها تحديدا بلغة أخرى، وتحاول اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC) كما ذكر نائب رئيس بعثة اللجنة الدولية مارتن دي بور البحث عن بعض الكتب من متاجر في أماكن نائية، تتوفر فيها طلبات الروايات باللغة الأوزبكية أو المجلات في البهاسا «لغة إندونيسيا» مراعاة لحالتهم النفسية. الخرائط والإعلانات ممنوعة وعلى الرغم من تقديم مجموعة واسعة من العناوين، يتم فحص مكتبة غوانتانامو بعناية لمنع وصول الكتب ذات المحتوى المتطرف دينيا أو سياسيا إلى السجناء، وتلك الكتب التي تتضمن العنف المفرط، رسم المواقع العسكرية وخرائطها، عروض السفر، والإعلانات المبوبة -باعتبار أنها قد تستخدم لإرسال رسائل مشفرة إلى المعتقلين-. كما تمنع الكتب التي تتضمن موضوعات الجغرافيا الطبيعية، مثل خرائط المباني أو أنظمة المترو التي يمكن أن توفر أهدافا محتملة الهجمات. الكتب المفضلة وكانت قائمة الكتب المفضلة تحتوي النصوص الإسلامية، والكتب التي كتبها المحامي المتقاعد الروائي الأميركي جون غريشام، المعروف برواياته المتعلقة بالدراما القانونية، وإجاثا كريستي وسلسلة هاري بوتر، وكذلك كتب السفر التي تتميز بالصور الملونة الكبيرة من العالم الخارجي، «المحيطات على وجه الخصوص»، وكتب الرئيس الأميركي باراك أوباما. روايات «الإثارة الجنسية» وعلى الرغم من أن الكتب ذات المحتوى الجنسي ممنوعة من التداول في مكتبة المعتقل، إلا أن هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» نشرت قبل أيام خبرا كشف مسؤولين أمام وفد زائر من الكونغرس الأميركي تصدر رواية «50 درجة للرمادي» لمؤلفتها البريطانية إي أل جيمس قائمة قراءة المعتقلين، التي تتضمن مشاهد حسية مثيرة وتربعت على قوائم أكثر الكتب مبيعا - بيع منها أكثر من 70 مليون نسخة- في العالم، وذلك ما يشير إلى عدم استثناء الروايات من المنع. بدلا من المصحف وأكد النائب الديمقراطي جيم موران -وهو من الداعمين إلى إغلاق منشأة الاعتقال- ما سبق أن قالته متحدثة باسمه: «بدلا من القرآن، كان الكتاب الأكثر طلبا بين «معتقلي معسكر رقم سبعة» هو ثلاثية «50 ظلا للرمادي»، وأضاف: «قرأوا السلسلة كلها باللغة الإنجليزية»، وعن نسبة هذا التحول قالت المتحدثة باسم موران إن «النائب لا يهتم بما يقرأه المعتقلون المهمّون»، بيد أن إشارته الأهم كانت إلى أنهم «لا يمثلون غالبية المعتقلين». جولة وفد الكونغرس وأفادت تقارير أن الكشف عن اهتمام المعتقلين بهذه الرواية جاء أثناء جولة قام بها وفد الكونغرس مع قائد المنشأة ورئيس الجهاز الطبي فيها، فضلا عن الضابط المسؤول عن معسكر رقم 7. متى يقرأ السجناء؟ و«معسكر 7» يمثل أكثر الأجزاء حراسة من المنشأة، ويضم المعتقلين الأكثر أهمية، من بينهم خمسة متهمين بهجمات 11 سبتمبر، عادة ما يكونون مقيدي الأيدي ومعصوبي العيون بأكياس وضعت على رؤوسهم عند نقلهم إلى أي جزء آخر، ويقبع معظم المعتقلين فيه دون توجيه اتهامات رسمية لهم أو محاكمتهم، وشارك 84 منهم في إضراب عن الطعام في 23 يوليو الماضي امتدادا لسلسلة إضرابات سابقة، وتم إطعامهم بالقوة عبر الأنف، وأطلقت وزارة الدفاع سراح 86 منهم تمهيدا لنقلهم إلى بلدان أخرى لإطلاق سراحهم، أو مواصلة سجنهم في الخارج، وبقي 166 معتقلا». إلا أن تصريحات الناشطين والإعلاميين تحاول رصد سلوكياتهم المختلفة بحسب ادعاءاتهم،وكتب في صحيفة «واشنطن بوست»: «السلطات الأميركية حتى بعد المواجهات الأخيرة بين الحراس والمعتقلين، اختارت ظروفا حياتية يسيرة معقولة لهم، وكانت متسامحة معهم مقارنة بظروف السجون الاتحادية داخل الأراضي الأميركية، التي تم تحديد الاتصالات فيها في أضيق الحدود، ويقضي السجناء فيها ساعة واحدة من كل 24 ساعة في ضوء النهار، في حين يستمتع سجناء غوانتانامو بخدمات بعض جوانب الإنترنت والتلفزيون، ويمارسون لعبة كرة القدم».. وعليه تتوفر أوقات للقراءة. «الخلاص بالقراءة» وتقرر لجنة خاصة إذا كان السجين يمكنه المشاركة في البرنامج الذي أُطلق عليه اسم «الخلاص بالقراءة»، وعلق عليه المحامي أندريه كهدي المشرف على مشروع التبرع بالكتب للسجون: «يمكن لأي شخص أن يغادر السجن وهو أكثر استنارة وبرؤية أوسع للعالم». مكتبات السجون في الكويت.. «وعظية» وفي حوار مع «الكويتية»، أكد أحد المعتقلين سابقا الناشط الحقوقي عبدالحكيم الفضلي، الذي كان متهما بـ «التعدي على رجال الأمن والتجمهر بتظاهرات البدون في تيماء»، أنه طوال فترة حبسه كان عاجزا عن التوصل إلى كتاب واحد مما طلبه، ومنها كتب جامعية انتظرها أكثر من 26 يوما ولم يستلمها إلا بعد الحكم ببراءته والإفراج عنه، وبمعزل عما مر به خلال تلك الفترة من ضغط نفسي وممارسات واجهها بالإضراب عن الطعام. كما أكدت مصادر أخرى لـ «الكويتية»، أنه لا «مكتبة» فعلية في السجون، النشاط الثقافي ينحصر في فعاليات تقام في مؤسسة صغيرة «إصلاحية» تتبع مشروع «التائبين»، ووزارة الأوقاف الإسلامية، وأنشطة شكلية أخرى تقام في المناسبات الدينية والاجتماعية. شعراء غوانتانامو فيما بعد، جمع فالكوف بعض القصائد عن 17 سجينا، وقال إن معظمها يعبر عن عقيدة دينية وحنين إلى الوطن الذي قضوا فيه طفولتهم أو توق شديد إلى عائلاتهم، وآخرون يتملكهم شعور بالغضب وخيبة الأمل، أو تساؤلات مثل أحد السجناء الذي كتب حوارا مع البحر الذي يحيط بالمعتقل، وأعدها في كتاب بعنوان «قصائد من غوانتنامو: المحتجزون يتحدثون»، أصدرته دار نشر جامعة أيوا الأميركية في 84 صفحة ليضم 22 قصيدة بعد موافقة الرقابة العسكرية الأميركية، وترجمة المتخصصين في البنتاغون، ورفض قصائد كثيرة أخرى. وكتب الشاعر الأميركي روبرت بينسكي تعليقا على غلاف الكتاب: إن صوت السجناء يستحق الاهتمام، على رغم أنه قد لا يلقى الإعجاب، ووصف المتحدث باسم البنتاغون جيفري جوردون قصائد المعتقلين بأنها أداة أخرى في معركتهم الفكرية ضد الديمقراطيات الغربية التي يخوضون حربا ضدها. وترجم الكاتب الأردني أحمد جرادات مختارات من القصائد إلى العربية بالاتفاق مع منظمة العفو الدولية، كما أن «دار الفارابي» نشرت «قصائد غوانتنامو، السجناء يتكلمون» عام 2008 بترجمة د.محمد العناني إلى اللغة العربية، التي ضمت 21 قصيدة لواحد وعشرين شاعرا من السعودية، الكويت، باكستان، البحرين، تشاد، اليمن، الأردن والسودان. | |||||||
تعليقات
إرسال تعليق