التخطي إلى المحتوى الرئيسي

العراق مُلكُ شبابٍ يقرأ..


تاريخ الخبر : 19/09/2013 05:02اّخر تحديث : 19/09/2013 05:02
المبادرة الشبابية للقراءة في بغداد.. تكمل عامها الأول

العراق مُلكُ شبابٍ يقرأ..

أفراح الهندال

من مقولات طه حسين التي يلوذ بها العرب لإنعاش الواقع الثقافي: «مصر تكتب، ولبنان يطبع والعراق يقرأ»، وفي ظل عدد النازحين إلى الملاجئ والمدن البعيدة عن سعير نيران السياسة لم تعد تلك المطبعة الضخمة فاعلة كما ترنم بها العرب، ولا تلك المكتبة حية ترفرف بسعتها؛ ولكن ثمة أفراد يبسطون الأشرعة هنا وهناك.. منهم مجموعة من الشباب العراقيين أطلقوا مبادرة مدنية تطوعية من وسط أهم شارع للثقافة والكتب في بغداد «شارع المتنبي» سبتمبر العام الماضي، بمشروع عنوانه: «أنا عراقي أنا أقرأ»، في تقاطع مع إصرار الكوجيتو الديكارتي، وما زالوا يقيمون فعالياتها في مختلف محافظات العراق بنجاح.. وهم على موعد مع جديدها السبت المقبل وسط بغداد في منطقة حدائق أبو نواس، والكلمات تتردد في الأرجاء: «من أجل تحقيق الحلم؛ حلم يبدأ بالكتاب.. من أجل الكتاب».
انطلقت الفكرة من موقع «فيسبوك» بداية، أربعة من رواد «شارع المتنبي» الشباب أطلقوها عبر صفحة تحمل اسم المشروع وتضم مجموعة رفعت شعار: «تجمع للقراءة في بغداد.. سنجتمع لنثبت للعالم قدرتنا في البدء من جديد لتثقيف أنفسنا»، ومؤسسو المشروع هم: الناشط في مجال حقوق الإنسان محمد عبد الزهرة، والصحافي حامد السيد، والمهندس الناشط في مجال حقوق الإنسان أثيل فوزي، والمهندس مصطفى شهباز. 
وفي حوار أجرته أسماء محمد مصطفى مع م.مصطفى شهباز شرح الفكرة قائلا: «نحن مجموعة من الشباب العراقي اتفقنا على أن التغيير نحو بلد ديمقراطي مدني متطور يبدأ من التشجيع على القراءة الغنية المتنوعة. ولأن الفضاء الالكتروني أصبح متاحاً لطبقات واسعة من مجتمعنا، قررنا أن نطرح الفكرة «فيسبوكياً»، ونرى رد فعل الناس عليها، لننطلق في العالم الحقيقي بفكرة إقامة تجمع للتشجيع على القراءة على غرار ما يحدث في بلدان العالم المتقدم.. تجمع في مكان عام في بغداد قد يتحول الى ناد ٍ للكتاب ونشاطات ثقافية دائمة أخرى»، أما حامد السيد فذكر في أحد لقاءاته: «نحن عازمون على النجاح، فحملات جمع الكتب التي يتبرع بها أصحابها تجري على قدم وساق الآن في أكثر من مكان، كما أن المعجبين بصفحتنا على الـ(فيس بوك) تجاوزوا 5 آلاف شخص، وهو رقم قياسي بل وكبير، فيما لو تجاوب معظمهم مع أهداف الحملة».
حياة إضافية
عند تمثالي شهرزاد وشهريار وسط الحدائق تلمح تلك الجموع التي شكلت الحجيج إلى عالم الكتب، حشود من مختلف شرائح المجتمع أطفالا وشبابا وشيوخا من كلا الجنسين، تركوا العزلة التي كان يحتفي بها القارئ بكتابه ليحولوها نشاطا اجتماعيا يؤثث تلك العزلة بمساحة وعمر وأوكسجينا إضافيا؛ لا لافتات حزبية أو دينية، ولا أهازيج طائفية أو فئوية، الكتب ستكون تذاكر المرور بين السيارات والطرق والمحلات والعقول..
أهل الكتاب
الشاعر العراقي أحمد عبدالحسين كتب عن هذه المبادرة مقالا منه: «نحن لا نقرأ. لدينا ما يشاع أنه أكبر سوق للكتب في المنطقة «شارع المتنبي» لكن مدمني هذا الشارع يعرفون أنهم وحدهم يأتون ويذهبون إليه كلّ جمعة للقاء ولإقامة الأصابيح، نفس الوجوه والأسماء، إنهم أصدقاء إذا غاب واحد منهم افتقده الجميع، هؤلاء هم أهل الكتاب عندنا»، لكنّ شباباً أغلبهم من رواد المتنبي، يريدون أن يجعلوا العراقيّ يقرأ حقاً، يريدون أن يجعلوا من مقولة طه حسين حقيقة، صبايا وشباب اجتمعوا مرات واتفقوا على البدء بمشروع مثمر، جعلوا له هذا العنوان «أنا عراقيّ .. أنا أقرأ». كوجيتو فيه من الحماس ما يليق بالشباب، وفيه تعويل على أملٍ ملحميّ : أن يكون العراقيّ -الذي لا يقرأ الصحف ولا يعرف من الكتب سوى كتب المنهج أيام دراسته- قارئاً»، واختتم مقاله حينئذ: «سنكون هناك معكم أصدقائي الرائعين، لأنكم آخر ما بقي لنا من أمل في عودة الروح لهذه الدولة المنكوبة برجالها ورموزها وقادتها الذين لا يقرأون».
تنويه المثقفين بالمبادرة
القاص والروائي أحمد سعداوي دون على جدارية المبادرة: « بدون القراءة لن تقوم لنا قائمة .ليس مهماً الكتاب الذي تقرأه، اقرأ ما تشاء وتحب، ولكن من الضروري ألا تضع حاجزاً إزاء أي كتاب. كن سائحاً حراً بين الكتب، وحينها ستصل الى حرية الإرادة والعقل، سترى أنك أكبر مما كنت تتصور. وأن الحياة أوسع بكثير مما تراه بعينيك كل يوم. أو مما يخبرك به الآخرون».
مواجهة للتزمت
أما الإعلامي والكاتب سرمد الطائي فكتب: «عدا كل شيء.. فإن حضور آلاف الشباب من مدن مختلفة لمهرجان القراءة قرب شهرزاد.. هو أفضل رد على سحابة التشدد التي تنتج الدم والعنف وتقوم بتحريم الحداثة.. تيار الحداثة العراقي يبتكر أساليب جديدة لمواجهة التزمت والانغلاق.. العراق ملك شباب يقرأ».
أصداء المبادرة تجاوزت التجمع وتوزيع الكتب إلى تكرار التجربة في مختلف محافظات العراق، وبتنوع باهر، وبحضور مسؤولين وقياديين ابتسموا كثيرا وصافحوا الكتب، ويأمل الشباب أن يقرأوا أحلامهم فيها لتنطلق حرة..

http://www.alkuwaityah.com/ArticleDetail.aspx?id=10645

تعليقات

المشاركات الشائعة