التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عادل القلاف: الدفاع عن «حقوق الإنسان» يختلف عن العمل السياسي


تاريخ الخبر : 31/07/2013 09:50اّخر تحديث : 31/07/2013 09:50
ثقافة «حقوق الإنسان» مطلب أساسي
http://www.alkuwaityah.com/ArticleDetail.aspx?id=1052


عادل القلاف: الدفاع عن «حقوق الإنسان» يختلف عن العمل السياسي

أفراح الهندال


استبشرت الكويت خيرا في قرار «العفو الأميري»، الذي أصدره سموالامير الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمس الأول عن المتهمين بالإساءة إلى الذات الاميرية، ممن صدرت بحقهم أحكام قضائية على مدار الأشهر القليلة الماضية.
وهوما أعاد مداولة الأحداث الأخيرة في الكويت من مشكلات في المشهد السياسي وأحكام قضائية بحق مغردين مارسوا الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مطلق ليبرز أهمية التوعية بثقافة «حقوق الإنسان»؛ إلى أي مدى تطلق تلك الحريات؟ ومتى يكون تقييدها جائزا؟ 
«الكويتية» التقت الناشط الحقوقي والمدير التنفيذي لمعهد الكويت لحقوق الإنسان المهندس عادل القلاف في حوارعن ثقافة «حقوق الإنسان» وواقعها في الكويت:
• كيف يمكن قراءة قرار «العفو الأميري» عن الأشخاص المحكوم عليهم بقضايا المساس بالذات الأميرية؛ بمنظار حقوق الإنسان؟
- يعد قرار «العفو الأميري» خطوة إيجابية في قضايا حقوق الإنسان، وهو فرصة للحكومة لمراجعة طريقة التعاطي مع آراء المغردين من جانب، كما يشير إلى ضرورة مراجعة المغردين أنفسهم لأسلوب التعبير عن الرأي وطريقة الحوار من جانب آخر، إذ إن التعدي على الآخرين بالشتم والسب يعد خرقا ومخالفة صريحة للقانون، وتجاوز حرية الآخرين والضرر بهم لا يمكن أن يكون حرية التعبير المكفولة والتي نتفق عليها.
ومن المهم أن تعيد الحكومة النظر في كيفية التعاطي مع مواقع التواصل الاجتماعي، فإن ورد في تويتر- مثلا- ما يعد قذفا وتجريحا ضمن الـ140 حرفا، فيجب على الحكومة أن تخفض من حدة التوتر بأسلوب أرفع وأرقى من الحدية معه، والتوجه إلى حل أسباب الخصومة ومناقشة النقد بالحسنى، فملاحقة المغردين وكتاباتهم ونبش ما سبق من أجل إثبات التهمة بهذا التدوير يعدان من التشدد الذي لن يخفض من نسبة التوتر. واللافت في تداعيات الأحداث هو الحراك المدني الذي دفع بالكثيرين إلى القراءة والمتابعة والرصد وإبداء الرأي، وهوما يعد حالة إيجابية لنشر ثقافة الحقوق والواجبات.
•على الرغم من أهمية ثقافة حقوق الإنسان نجد جهلا كبيرا في الاهتمام بها، ما السبب في رأيك؟
-إن مفهوم حقوق الإنسان يرتبط بجميع جوانب الحياة لكل إنسان، فحقه في الحياة والعمل والتعبير يتساوى مع حقه في الحصول على الغذاء والسكن والتنمية وفي العيش في بيئة نظيفة وغيرها من الحقوق، إذا فحقوق الإنسان متكاملة وغير قابلة للانتقاص، وثقافة حقوق الإنسان تحتاج إلى تفعيل وإعمال مما يتطلب بطبيعة الحال بذل ذلك الجهد الكبير الذي تشيرين له.

مؤامرة «حقوق الإنسان»

• تتهم حقوق الإنسان بأنها فكرة غريبة على عالمنا العربي من بعض المتشددين المتمسكين بالأيديولوجيات التقليدية، وأنها جزء من «مؤامرة» أوشكل للاستعمار الغربي، فكيف ترد على هذا الاتهام؟
-دول عربية وإسلامية شاركت بشكل فاعل ومؤثر في صياغة أول وثيقة عالمية وهي الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حددت في هذا الاعلان العالمي منطلقات ومفاهيم حقوق الإنسان في العالم وأصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العاشر من ديسمبر1948، بينما دول تعد في تلك الأيام استعمارية لم تفلح في إعاقة إصدار ذلك الاعلان العالمي ولم تنجح أيضا في إعاقة إصدار الأمم المتحدة لاتفاقيات أساسية لحقوق الإنسان، التي هي نافذة في دول العالم اليوم، وقد أصبح واضحا أن فكرة المؤامرة الاستعمارية لم يعد لها أي سند واقعي او حتى نظري يدعمها.
• وكيف تقيّم العمل الإنساني الحقوقي في الكويت؟
-في رأيي مازال ينقصنا جانب كبير من المهنية في تناول قضايا حقوق الإنسان، فالدفاع عن حقوق الإنسان يتطلب الالتزام بمعايير دولية ووطنية في كل القضايا، وكذلك الفصل بين الدفاع عن حقوق الإنسان وممارسة السياسة، فبين هذا وذاك يبقى العمل الانساني والحقوقي في الكويت دون الطموح وإن كان يمتلك الكثير من مقومات التميز والإنجاز وهي مفارقة تحتاج توقف وبحث.

التقارير لا تنشر

• ماذا عن الجهود الفردية والمؤسساتية في المحافل الدولية؟
-في الجانب الدولي يبدو أننا نبذل القليل من الاهتمام والجهد، فلا الدولة تنشر تقاريرها الدورية التي تقدمها لهيئات لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة وتوصياتها الختامية، ولا جمعيات حقوق الإنسان وباقي مؤسسات المجتمع المدني تفعل ذلك ،وهذا أضعف الإيمان.
 ومن جانب آخر، بدأت مؤسسات المجتمع المدني من ثلاث سنوات فقط وبتواضع مشاركتها كمراقب في حضور جلسات مناقشات خبراء هيئات لجان حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، وهو أحد الادوار المطلوبة لتتمكن من تشجيع ومساعدة الدولة على أداء التزاماتها الدولية من خلال احترام وحماية حقوق الإنسان في الدولة.

الطعن في النوايا

• ترصد السفارات والبعثات الدبلوماسية ويحدد الباحثون ظواهر عدة ذات الصلة بالوضع الإنساني في الكويت، كالعمالة وخدم المنازل والبدون والمرأة.. وغيرها من القضايا، كيف ترى تجاوب الجهات الرسمية مع ما يكتب حول تلك القضايا؟
-لا أظن أن الجهات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني في الكويت تختلف كثيرا في عدم جديتها في «منع تلك الانتهاكات» التي تشير لها التقارير الدولية الحكومية وغير الحكومية، مثل تقارير الخارجية الأميركية وتقارير المنظمات الدولية غير الحكومية كمنظمة «العفوالدولية» و»هيومن رايتس ووتش»، إذ تقدم معلومات وحالات تم رصدها في البحث والاستدلال وجمع المعلومات والمقابلات.. والأجدر متابعة تلك الانتهاكات والتجاوزات، والعمل على عدم تكرارها بدل «الطعن» في سلامة نية تلك الجهات وتقاريرها، والتشكيك في عدائها ومسّ سيادة الدولة والتدخل في شؤونها.

قضية البدون

• ما القضية الأكثر إيلاما في ملف حقوق الإنسان في الكويت وتهتم لأجل حلها؟
-قضايا عدة تثير الاهتمام الدولي والمحلي في ملف حقوق الإنسان في الكويت، وقضية «البدون» تأتي في المقدمة بسبب عدم حسم هذه القضية بشكل عادل وشامل ونهائي، فهي لاتزال بين تشريعات غير مكتملة وتنفيذ غير عادل لقوانين قائمة، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ صدر حكم ضد أحد الأحداث البدون بسبب بيعه للفواكه في «بسطة» بأحد الشوارع من دون ترخيص رسمي للبيع من الجهات المعنية، فلم تعمل الدولة على إعمال حقه في الحصول على الغذاء الكافي لسد حاجته هو وأسرته، ولم تلتفت أيضا إلى إعمال حقه في التعليم الذي أهمله مقابل عمله غير المرخص.
وقضية البدون تحمل الكثير من الهموم والتناقض الذي نمارسه كدولة ومجتمع، فنحن ندعو إلى التكافل الاجتماعي وننسى البدون، نوفر الدعم المالي للعديد من الدول لإنشاء المدن والمصانع وغيرها وننسى البدون في مختلف مناطق الكويت، وبعضهم يضطر مرغما للعيش في ظروف شديدة القسوة.

انتهاك الحقوق شأن عالمي

• هناك من يرى ضرورة اللجوء إلى المنظمات الدولية في مثل هذه الحالات؟
-بعد إصدار الأمم المتحدة للعديد من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وتشكيل المحكمة الدولية الجنائية لم تعد سيادة الدولة وعدم التدخل بالشؤون الداخلية حجة قائمة ومقبولة، فقد أصبح انتهاك حقوق الإنسان شأنا دوليا وليس داخليا للدول، ولنا شواهد كثيرة في أحداث الساحة الدولية، وتوجد الكثير من المنظمات الدولية الحكومية منها مثل الأمم المتحدة ولجانها وآلاتها، ومنظمات دولية غير حكومية تدافع عن حقوق الإنسان، وبعضها يدافع عن «المدافعين أنفسهم» مثل منظمة الخط الأمامي «فرونت لاين».
فتلك المنظمات تمتلك الخبرة والقدرات لتمكين المطالبة بالحقوق وليس بتوفير وحماية حقوق الإنسان، والفرق هنا هو أن الدولة هي المعنية بالأساس في احترام وحماية حقوق الإنسان، فلا تستطيع أي منظمة دولية حكومية أوغير حكومية أن تقوم مقام الدولة والسلطة المحلية، ومن يظن ذلك واهم.

الكويت دولة مدنية

• هل تُعتبر الكويت «دولة مدنية» في ظل بعض الإجراءات التقليدية؟
نعم الكويت دولة مدنية، فلديها قوانين تنظم القضاء وإجراءاته، ويفصل دستورها بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية، ولديها قرارات تصدرها الجهات الإدارية ولوائح، وكل ذلك يرسم مدنية الدولة.
•ترأس أول معهد متخصص في حقوق الإنسان في الكويت، كيف تولدت الفكرة؟
-قبل عشرين عاما التحقت بدورة متخصصة بحقوق الإنسان في تونس، وبعدها بسنوات شاركت في حضور العديد من الدورات وورش العمل ومؤتمرات حول قضايا حقوق الإنسان، فكان التدريب ونشر هذه الثقافة أكثر ما يثير اهتمامي، وقررت من سنتين أن أبدأ التدريب بشكل مستقل ومنظم، وتوافرت الفرصة المناسبة في مايو الماضي فصدر الترخيص الرسمي لمعهد «الكويت لحقوق الإنسان»، كشركة غير ربحية. 
• ما المسؤولية التي تشدد عليها لخريجي دورات المعهد؟
-نشر ثقافة حقوق الإنسان واجب كل النشطاء والمهتمين بحقوق الإنسان، والدفاع عن حقوق الإنسان واجب وطني على الجميع القيام به وفق المعايير الدولية والوطنية، والمعرفة والمهارات التي يقدمها معهد الكويت لحقوق الإنسان من خلال الدورات وورش العمل بداية تتطلب البناء عليها والاستزادة؛ فحقوق الإنسان عالم كبير.

تعليقات

المشاركات الشائعة