التخطي إلى المحتوى الرئيسي

سلطان القحطاني: الشيوخ ليسوا «أبخص» دائماً!

مدير تحرير «إيلاف».. مخلخلا ًالنظام في «هكذا سقط الزعيم»

سلطان القحطاني: الشيوخ ليسوا «أبخص» دائماً!

أفراح الهندال

* أتمنى أن تعود النهضة «الكويتية» لأنها تؤثر في «الجوار» كثيراً
* ظل عرفات وعبدالناصر والقذافي ثواراً إلى الأبد وحين حاولوا التحول إلى رجال دولة فشلوا
* الربيع العربي لابد أن يبدأ من النخبة والعقول المستنيرة.. بعدها يمكن إعادة نظام أو خلخلته
* من «الجنوب» ولد العالم والكون والحب والجغرافيا
 
لم يقصد العودة إلى المربع الأول، ولا إلى قصة الخلق في كتابه «هكذا سقط الزعيم»، وإنما بعثرة الحاءات الثلاث في «الحب والحرب والحرية»، ليستمتع بلعبة «سوء الفهم»، الرقابة تمنع والعقول تفسح وفي الأرض «متسع»، هكذا كنت ألتهم كتابه وأعرف لذة الغصة في الشعر الذي يحكينا، والحقائق التي تحاكينا، والمنصات التي تحاكمنا على أكمل وجه وأحيانا بوجه مسكوب..
الحوار مع مدير تحرير موقع إيلاف الإلكتروني سلطان السعد القحطاني يعني أن تطرق الباب من الداخل، ليفسح لك عالمه خارجا من أطر الأعمدة والقوالب المقننة والإجابات الجاهزة.. هو الذي راوغ الصحافة بشغب الصبي، وحيلة المنكوب، وهم الراغب بالحياة، في سن السادسة عشرة أتقن دخول الرواق، واليوم بعد 11 عاماً أثبت سلامة «الصحيفة» بقلق السيرة وقلقلة السلوك للعابر بكتاباته، لكن ثمة ملجأ للأوكسجين.. هنا!
بدءا من «هكذا سقط الزعيم» والملمح النيتشوي في عنوانه؛ ألهذا السبب منع من النشر؟
- كان المنع لأسباب بسيطة، وأعتقد الأمر سوف يحل قريبا جداً. الطبعة الأولى من الكتاب نفذت من الأسواق بسرعة لم أتوقعها، وقريبا ستكون الطبعة الثانية في كافة الدول الخليجية. لقد قمت بنشر كتبي على حسابي الخاص، لأن معظم دور النشر ناهبة ناهبة، وخصوصا إذا وجدت فريسة شابّة، في بداية المشوار.
• تم إفساح الكتاب بعد تبديد «سوء الفهم»، كيف تكتب وأنت تعرف مسبقا بأنك ملاحق بـه؟
- هذا قدرنا في الحياة. كثير من الناس في بلداننا هوايتهم الوحيدة سوء الفهم، وهدفهم الأسمى هو سوء الفهم، وهذا يريح عقولهم من أشياء كثيرة، حتى لو كانت فسحة من نور!
بين الحاءات الثلاثة
• كتاب عن «الحب والحرب والحرية»... ثلاثية أرهقت الكتاب في تدوين إلهاماتها، هل امتلكت «الحقيقة» بينها؟
- الفقر والموت والحرب هي حقائق الحياة الأقسى. الحب، والحرية، هما حقيقتان ناعمتان كثيرا. خلال مسيرة صحافية معقولة، تقارب أحد عشر عاماً الآن، اصطدمت بهذه الأبعاد الثلاثية كثيرة. بدأت الصحافة في سنٍ مبكرة جداً، كنت في السادسة عشرة تقريبا من العمر، وكان من الطبيعي جدّاً أن تبدأ ملامسة الحروف بالحب، ومع الوقت، حين قررت احتراف العمل الصحافي كانت الحرب، ومع الوقت، حين غرقت في هذا الحبر الإلكتروني، وجدت أنني أفتش عن الحرية. لذلك أقول إن الحب والحرب والحرية ثلاث حاءات تشكل ألوان العالم.
• سقط الزعيم.. ماذا عن «البطل المنتظر»؟
- أنا السلطان المنتظر. بصراحة الكل سوف يسقط قريباً، لأن طريقة وقوف الجميع غير طبيعية. وأعني الكل، الكل، لا أستثني أحداً!
• ثمّ «أديب» يكتب مشاهداته صحافيا، وعودا إلى تلك الجدلية بين الصحافة والأدب؛ ألا تخشى اغتياله؟
- هذا سؤال الأسئلة. لا تنسي أن الصحافة جزء من الصنعة الأدبية كلها. في داخل معظم الصحافيين ثمة أديب يرتدي معطفا طويلا ونظارة سوداء على طريقة افراد المخابرات في القرون الغابرة الغاربة، كي يخفي وجوده عن أعين رجال الخبر الصحافي المتشددين، الذين يعتبرون أن الخبر مقدس لا لغو فيه. لكن هناك عدة أنواع صحافية يمكن للأديب أن يطلق فيها راحته وخيوله وغزلانه وسهامه بهدوء. لذلك أحرص على المقابلات والتحقيقات أكثر من أي شيء آخر، لأنها فرصة أن تطلق خيولك في البريّة دون حدود.
• أي مقال من الكتاب ألهمك لمشروع رواية؟
- كثيرة جدا، وهناك مشاريع أتمنى أن أجد الوقت لاستكمالها. لدي رواية جاهزة الآن عن عالم الصحافة وعلاقة الأمراء بالصحافيين. لا تنسي أن معظم دور النشر، والمشاريع الإعلامية أسسها أمراء خليجيون. لذلك ستكون الرواية ذات إشعاع خليجي، وسوف أصدرها في فبراير المقبل.
• ماذا عن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت في اشتغالك الكتابي؟
- عززت لنا من الشائعة والنجوم الوهميين الذين يملكون شهرة بدون قيمة. المشكلة حين يقول البعض إنها بديل للإعلام، والصحافة. هذا غير صحيح ومستحيل. كلها صرعات سوف تنتهي، وتتغير، وتتجدد، لكن يبقى للصحافي وصنعته وجههما وأصولهما التي لا تتغير، بل تتطور.
العمير.. المتنبي والعشاق
• عثمان العمير حاضر في كتابك بقوة.. كيف ترى هذا الرجل- بعيدا عن عينيه في رأس عملك؟
- لقد دعمني بقوة، ولولا دعمه لما استطعت أن أصل إلى الكثير مما وصلت إليه، ودعم الأستاذ محمد التونسي في العمل الصحافي لما كنت قد حققت ما حققته.
• استذكرت الأمسية التي رددت فيها قصائد المتنبي مع العمير بتلذذ، لوحت بالنازية في شعره، أمازلت تهتف بهذا؟
- نعم، للمتنبي معي علاقة قديمة لا تنتهي. لذلك قررت أن أجمع كتابا عن المتنبي قريبا. وأهديته لعشاق المتنبي، وهم كثر من الأصدقاء.
لا قناعات في الترحال
• سردك لرحلة الشاب من مطار «نيس» عبر بلدان عدة... الباحث عن التغيير والعدالة كان خلابا؛ إلى أين وصل هذا المرتحل الدونكيشوتي اليوم؟
- نقطة تحول وحوار. مسائلة دائمة لهذا العالم المتحرك. في بداية الرحلة تكون لديك قناعات معينة، في منتصف الرحلة تتغير القناعات، ومع الوقت تكتشف أنك مخطئ في الكثير من قراراتك. مع كل هذا الترحال، وجدت نفسي منقاداً إلى التأمل، بدلا من التسرع وفورته السيّالة.
• افتخرت بأنك من «جيل ثورة تونس الجديدة»، ولكنك تجاوزت الاشتعال الأولى في جسد البوعزيزي لتفتتح كتابك بالنبأ العظيم في «مصر»، ما السبب؟
- السؤال حول الثورات في العالم العربي مازال مفتوحا إلى الآن. نعم كانت ضرورة لما وصلت إليه حال هذه الدول من جفاف، ولكن الخوف من المستقبل مازال مفتوحاً. ما يحدث الآن في عالمنا العربي هو إعادة تقسيم «مودرن» تشرف عليها دول عظمى، ودول شقيقة، والدور الأميركي القطري الإسرائيلي تم الإشارة إليه أكثر من مرة. الربيع العربي لابد أن يبدأ من الجامعات، من العقول المستنيرة، من النخبة، من المجتمع، وبعدها يمكن إعادة نظام، أو خلخلته.
• كتبت عن ثورات لم تكن ضمن حشودها.. أهي من باب الواجب الصحافي؟
- العالم اليوم أصبح قرية كونية واحدة. أحيانا تأتيك الثورات إلى باب منزلك، وأحيانا تذهب إليها. المعلومة تطير إليك بسهولة وخفة. وعلى مدار سنوات من العمل الصحافي كونت شبكة علاقات قادرة على أن تضعني في الصورة في أي حدث يحدث.
الصديق الملكي.. المحارب العظيم
• كيف كان وقع لقب «صديقي الملكي» التي حادثك بها د.محمد ناجي زعبي وهو يحدثك عن تنبؤه لليبيا الجديدة؟
- كنت أقول له إن ليبيا لن تعود بسهولة، وكان يقول إن المسألة أيام. وإلى الآن اكتشفنا أن الأمر يمكن أن يطول. الحل أن تعود ليبيا ملكيّة.
• ماذا عن صدى موقف «المحارب العظيم» بوصفك لعبدالعزيز بن سعود حين قال لمستشاريه «النخبويين»: «قولوا لي الحقيقة، فقد ضقت ذرعا بكلمة الشيوخ أبخص»، في المملكة وبين الشيوخ عامة؟
- هذه النصيحة التي رفض البعض أن يستمع إليها. الشيوخ ليسوا «أبخص» دائما. كان عبدالعزيز نموذجا لافتا في قدرة الثائر على أن يعرف متى يتحول بالضبط إلى رجل دولة. لقد ظل عرفات وعبدالناصر والقذافي ثوارا إلى الأبد، وحين حاولوا التحول إلى رجال دولة فشلوا، لأنهم تأخروا كثيرا. كان عبدالعزيز ميّالا إلى أن يملك لا أن يحكم، وهو ما فتح الباب أمام كفاءات كثيرة من الشعب للقيام بدور مهم في الحياة السياسية في المملكة. الآن هذا الأمر قل كثيرا، وأصبحت الأسرة تملك وتحكم. وبه إيجابيات وله سلبيات. لكن الأهم أن عبدالعزيز كان رجلا من طراز نادر، شاب آمن بالحلم المستحيل، ومضى فيه، واستطاع أن يحققه.
• «العلم العلم.. العقل العقل» هتافك الذي دونته أكاد ألمحه في روح كل كتابة من «الجنوب»؛ ما الذي يميز تلك الجهة لتباغت بوصلة السرد كاملا؟
- من الجنوب، ولد العالم والكون والحب والجغرافيا.
• كتبت رسائل إلى أناس لا تعرفهم جيداً.. ما الذي دفعك لتنحت حروفهم المختصرة في الكتاب؟
- لا يوجد أجمل من الرسائل، وأجمل الرسائل هي تلك الرسائل التي تعرف أنها لن تصل أبداً. هذه الفكرة كتبتها بعدما أتتني رسائل كثيرة من القراء، وأحببت أن أحاورهم. مشكلة الإعلامي العربي هي تجاهله لمكاسبه وهم القراء، لذلك تجد الكثيرين يترفعون عن الرد عن قرائهم، وهي إحدى حالات المرض النفسي التي يمر بها النجوم الذين لا يستحقون نجومية.
لندن.. والكويت
• قلت: «أعتقد أنني أشبه الكويت أو أنها تشبهني أو أننا كنا جسدا واحدا في حياة سابقة».. ما الذي وجدته في «أجمل الحبيبات وآخرهن»؟
- الحب والحنان.. الكويت منارة لا تتوقف عن الإشعاع. يحزنني أحيانا ما يحدث في الكويت، لكنني أثق في وعي الكويتيين في مستقبلهم، ومستقبل بلادهم. في وقت من الأوقات كانت الكويت تقود الخليج في كل شيء، وأتمنى أن تعود تلك النهضة الكويتية، لأنها تؤثر على الجوار كثيراً. مع ذلك أنا فخور بالديمقراطية الكويتية، وأتمنى إتاحة الفرصة لجيل جديد، وأفكار جديدة.
• «لا الرحلة بدأت ولا الدرب انتهى..» أليس الاستقرار في لندن سبب هذه المراوحة؟
- هذا مقطع أحبه من قصيدة محمود درويش الجداريّة، التي كتبها وهو يشاهد الموت. لندن علمتني الكثير عن الحياة، وسرقت مني الكثير. لكنني مولعٌ بالترحال، وقد تكون دبي أو الكويت لندني القادمة!
 
 
*أنا السلطان المنتظر.. 

تعليقات

المشاركات الشائعة