التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طه حسين و«الثورة»: ويل للأديب إذا رضي أو اطمأن!


تاريخ الخبر : 27/10/2013 09:34اّخر تحديث : 27/10/2013 09:34
الذكرى الـ40 لرحيل رائد التنوير الثائر على التقليد

طه حسين و«الثورة»: ويل للأديب إذا رضي أو اطمأن!

أفراح الهندال

* أوراق نادرة في الإسكندرية قد تعيد محاكمة المفكر الراحل!
* ذكرى طه حسين تمر بهدوء في الكويت إلا من «العربي»
* كتبت زوجته عن لحظات رحيله:«ألم نبدأ الحياة وحيدين؟ ها نحن ننهيها وحيدين»
 
 
ستمر الذكرى الأربعون في خضم ثورات الربيع العربي بهذا الشكل؛ «لا يحتاج اسم طه حسين إلى صفة إضافية، مثل «الدكتور طه حسين»، أو «عميد الأدب العربي». هذا الزمن لا يتسع لألقاب النبالة الثقافية، إنه زمن ينسى طه حسين، بل يتنصل من طه حسين، بل يلعن طه حسين، لذلك فإن ذكر اسمه، عارياً من كل صفة، يكفي ليذكرنا بأن طه حسين أكبر من الألقاب، وهو كذلك سيبقى في نفوس الذين أنصتوا إلى درسه في المعرفة والإبداع والحرية، وإن كان عددهم قليلاً، فإن ربط الذكرى بالثورة يعني أن هناك من بين المثقفين العرب من لا ينسى طه حسين وثورته، متصليْن جنباً إلى جنب،  لا معنى لكلمة الثورة في السياق العربي، من غير طه حسين، ولا فائدة من استرجاع ذكرى طه حسين من غير استحضار ثورته»، كما كتب الشاعر المغربي محمد بنيس عن الذكرى.
وإن بدا المشهد الثقافي واهنا؛ فاختفاء تمثاله الذي كان قائما في أحد ميادين مدينة المنيا في مصر وغيرها إشارة إلى هذه الانتكاسة، تعود ذكرى الرحيل اليوم بهمومها المستجدية للحريات والبحث الفكري والتجديد، ثورة على العبودية والجمود والتلحف بمقابر العقل والتمسح بها!
غاب المثال.. والتمثال!
وكما يبدو فإن العيون كلت من التطلع، والتجارب ملت من التأسي، لذلك تطل الفعاليات خجولة هنا وهناك بذكر صاحب التمهيد الذي أذاع سر منهجه العلمي في كتابه -الطامة للمتشددين والعابسين- بهدوء طالبا التروي و»القراءة»؛ «يجب ألا نتقيّد بشيء ولا نذعن لشيء إلا مناهج البحث العلمي الصحيح»، في مصر؛ عقد «مركز رامتان الثقافي» في القاهرة بـ «متحف طه حسين» الأربعاء الماضي، ندوةً بعنوان «طه حسين و40 عاماً من الرحيل»، وأعلن مجمع اللغة العربية وكذلك «بيت السناري» في القاهرة التابع لمكتبة الإسكندرية عن جلستين يزمع إقامتهما اليوم، وأعلن عنهما قبل شهرين، إذ ستشهد مفاجآت عدة أبرزها عرض «نسخة من كتاب لطه حسين لم يسبق نشره عن «البيان في القرآن الكريم»، وأوراق شخصية ومراسلات بينه وبين عدد من المفكرين، وسيصاحب ذلك معرض لصوره ومعرض لمؤلفاته، وكانت مها عون، حفيدة طه حسين، فتحت لأول مرة خزانة خاصة به تتضمن مجموعة من وثائقه، وحازت مكتبة الإسكندرية نسخة منها ستتاح للجمهور عبر موقع «ذاكرة مصر المعاصرة».
 أما «هيئة قصور الثقافة» فأعلنت عن ندوة بعنوان «تجديد الخطاب الثقافي» ولكنها مرجأة إلى الشهر المقبل! ولا ذكر لفعالية يقيمها «المجلس الأعلى للثقافة»، و»الهيئة المصرية العامة للكتاب»، و»دار الكتب والوثائق القومية» بهذه المناسبة في وسائل الإعلام حتى أمس!
ويبدو أن اختفاء تمثال طه حسين هو الحدث الأهم؛ فتعويضا عن اختفائه أهدى المستشار الثقافي المصري في موسكو د.أسامة السروي مجمع اللغة العربية تمثالا بديلا قام بتجهيزه تخليدًا لذكراه، لكنه سيبقى وحيدا، كما همست زوجته سوزان إلى جثمانه لحظات رحيله الأولى ودونتها في كتابها «معك»: «ألم نبدأ الحياة وحيدين؟ ها نحن الآن ننهيها وحيدين».
الوحيدون.. وحيدون دوما
السيدة سوزان، الفرنسية الجنسية، كتبت عن حياتها التي امتدت لستة عقود مع زوجها الحبيب، وعن لحظة الرحيل تحديدا وصفت حالها: «جلست قربه مرهقة متبلدة الذهن، وإن كنت هادئة هدوءًا غريباً، بالرغم من أن تلك اللحظة المرعبة من أكثر ما تخيلت طوال حياتي، كنا معاً وحيدين، متقاربين بشكل يفوق الوصف، ولم أكن أبكي، فقد جاءت الدموع بعد ذلك، ولم يكن أحد يعرف بالذي حدث، كان الواحد منا قبل الآخر مجهولاً ومتوحداً، كما كنا في بداية طريقنا»، وكذلك فكره وكتبه وصراعه اليوم؛ وحدة تجمعها واغتراب عن الفوضى التي لم تدون «أيامها» بعد!
طه حسين.. في الكويت
في الكويت لم ترد ذكرى الرجل الذي قلب موازين مناهج القراءة الموروثة في الجامعات والمدارس العربية جميعاً في المؤسسات الثقافية إلا في مجلة «العربي»، التي خصصت (العام 2013) لعميد الأدب العربي طه حسين، فنشرت ملفاً بعنوان «عام طه حسين»، وفاجأت القراء بحوار نادر وصور خاصة بالمجلة نشرت مع الخط الذي طبعت به آنذاك في أكتوبر 1959،، لتنقل قراءها إلى فيلا رامتان بالقاهرة محل سكنه، يتضمن رأيه في «العربي» والأدب الهادف، والصحافة والشعر والثورة: الأدب محتاج إلى الحرية، والثورة مضطرة أن تحافظ على نفسها حتى تحقق أغراضها، فقل -إن شئت- أن بين الأدب والثورة شيئاً يشبه الهدنة حتى تبلغ الثورة غايتها..»، وضمن الملف الشهري كتب أحمد السماوي عن فن المقال لدى طه حسين، وفي الإمارات؛ تنظم مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية اليوم وغدا ندوة بجلسات موسعة يشارك فيها مجموعة من الأدباء والباحثين.
مئوية الحريات
كاتب «الأيام» الذي نشره عام 1929، دوّن في خاتمة الجزء الثاني منه موقفه عندما عاقبه شيخ الأزهر مع صديقيه ومحا أسماءهم من لائحة الطلبة وكانوا مطرودين: «ولكن الفتى لم يكن يعرف رفقاً ولا ليناً؛ فلم يسع إلى أحد ولم يتوسل إلى الشيخ بأحد، وإنما كتب مقالاً عنيفاً يهاجم فيه الأزهر كله وشيخ الأزهر خاصة ويطالب بحرية الرأي»، كلمات تقترب من مئويتها وهي تنادي بين المتشددين لـ»حرية الرأي»، قبل الإنصات إليه وقراءته وتداوله ومناقشته.. فكيف سيكون مستقبلها؟!
 
 

تعليقات

المشاركات الشائعة